نوارة محمد
كسر النمطيَّة
فقد قررت الكابتن مروة كسر النمطية واختيار مهنة تعليم قيادة السيارات عنوانا لهدفها في سوق العمل، إذ بدأت هذه الرحلة منذ أكثر من سبع سنوات قائلة " بدأت رحلتي حين شعرت بالحاجة إلى كسر حاجز الخوف في نفسي اولا ولدى الفتيات ثانيا.
ثمة طموحات مدفونة في هواجس غير حقيقية، وهذا ما ندركه نحن النساء اكثر من غيرنا وعندما وجدت ميل الفتيات المتصاعد إلى امتلاك سيارة قررت الدخول في هذا المجال وتعليم الفتيات قيادة السيارات.
المشوار لم يكن سهلا، فقد تطلب مني تعلم ميكانيكية السيارة ودراسة القواعد المرورية والاطلاع على الكثير من الكراسات الفنية التي تتعلق بالجوانب النفسية عند قيادة السيارة.
في البداية استخدمت سيارة زوجي في تدريب النساء على القيادة، إلى أن تمكنت من شراء سيارتي الخاصة بعد أن ازدهر عملي".
ليست الدوافع المادية وحدها التي جعلت الكابتن مروة تختار هذا العمل فهي ترى أن قيادة السيارة من اهم عمليات كسر الخوف من الشارع بكل ما يمكن ان يمثله للفتيات الصغيرات اللواتي يطمحن لحياة افضل.
وتضيف الكابتن مروة" نحن قادرات على تحقيق التوازن الحياتي وخلق الفرص لآلاف الفتيات اللواتي يردن تحقيق احلامهن في حياة
كريمة".
تبين الأبحاث والدراسات أن عنصر النساء يزداد إقبالا وتوسعا في شتى المجالات وبحسب منظمة العمل الدولية في العراق فقد أصدرت وزارة التخطيط العراقية / الجهاز المركزي للإحصاء، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية نتائج مسح القوى العاملة، التي تغطي حجم عينة من 16400 أسرة، وتبين النتائج أن هنالك مليون امرأة تعمل، ويرى مختصون أن نسبة المشاركة في الاعمال يصل حوالي 10,6 في المئة في القوى العاملة، وهذه النسبة في تزايد مستمر اذا ما قورنت بالسنوات الأخيرة.
لكنها تظل منخفضة نسبة الى سوق الاعمال لدى الذكور.
مواجهة شرسة
تؤكد سيدات الأعمال ممن التقيناهن أن الدخول إلى مجال ريادة الأعمال الحرة ليس حكرا على الرجال، ويؤكدن على ضرورة إزالة كافة العقبات التي تقف بوجه طريق المرأة وتفوقها في هذا المجال، هنالك مواجهة شرسة للعادات الكلاسيكية والقيود التي لا يزال تأثيرها على المُدن والمناطق التي تُلبي نداء القبيلة، وهي تفرض سيطرتها على مصائر الفتيات.
إذ ترى فرح سالم الصحفية والناشطة المدنية ومُديرة مدرسة الطلبة النازحين في السليمانية "أننا بحالة مواجهة شديدة لقيود تفرضها العادات واساليب نمطية تعتاش عليها الارياف وحتى المدن التي لا تزال تحت تأثير النظام القبلي الصارم، وهو متمسك بأدوات الخوف والتسلح بانظمة الزواج وتكوين الاسرة بشكل قسري وجعل الزواج السبيل الوحيد للبقاء على قيد العيش، بينما هذه المنظومة تحتاج الى دور المرأة في العمل وتحقيق الاستقلالية
المعنوية".
وتضيف فرح "هنالك الكثير من الفتيات اللواتي لا يزلن غير قادرات على العمل ومواجهة المجتمع وغير قادرات على التصرف دون وصاية الأهالي، وأظن أنني اخترت أن أناصر المرأة لأثبت أنهن لسن بحاجة للوصاية التعسفية، نحنُ هُنا مع اللواتي يشبهني بالافكارنحاول تشجيع المرأة على محاربة مخاوفها الداخلية والتطلع إلى الحياة التي تستحق، لقد ولدت في مجتمع ريفي وشهدت الكثير من الممارسات الاجتماعية التعسفية التي قيدت حركتي، وجعلتني أشعر بأنني عالة على المجتمع، وأنني لم اخلق الا لمتعة الرجل، لذلك لا بد من الثورة على هذه التقاليد البالية وتحقيق العدالة التي ترفع من قيمة المرأة في المجتمع".
وتتابع، " أخترت ان أقف إلى جانب الفتيات في مهنتي بالتدريس وفي ممارسة النشاط الصحفي والمدني كوني قادرة على ذلك.
لقد اباح المجتمع القتل بحجة غسل العار وصرنا نتعايش مع تسميات جديدة للمتحرش، الذي يوصف بالمريض النفسي، كما أن تهمة الاغتصاب تِبررها ذريعة الغريزة، لذلك يندرج حبس الفتاة ضمن سُلم الخوف والحيطة والحذر وتجنب مخاطر الشارع.
الكثيرات حرمن من التعليم بسبب الخوف من وحشية المجتمع.. نعم شاعت مهنة الأعمال الحرة بين الأناث في الآونة الاخيرة، وهذا يدل على شراسة المواجهة وحالة الانفتاح التي يشهدها العراق"..