رنيم سيف.. أجسادٌ أنثويَّة بلا رؤوس

ثقافة 2023/01/04
...

 علي العقباني


تميل الفنانة السورية الشابة رنيم سيف التي تخرجت عام 2019 من جامعة دمشق قسم التصوير الفوتوغرافي، بأسلوبها إلى الفن التجريدي والانطباعي، ولكنها تعشق إلى حد كبير المدرسة التعبيريَّة لأنَّها ترتكز على قوة الألوان والأفكار الهادفة، وهي تختار الألوان الداكنة في لوحاتها، لأنَّها كما تقول، "تعكس دفء المشاعر التي ترغب بمشاركتها مع متابعي لوحاتها وفنها".

ترسم رنيم الجسد الأنثوي العاري أو شبه العاري بلا رأس، وكأنَّ الجسد هنا عينا وجهها الذي تخفي خلفه التعبيرات، ربما خشية أو محاولة أن يهتدي بنفسه إلى نفسه، أو تخفياً للتعبير عن ذاك الأسى الذي عاشته وتعيشه المرأة عبر العصور، وهي تقول: لكل روح لونها الخاص، لذا أحب أن  أُضيف الألوان وأخفي الرؤوس لالتقاء الروح الكونيّة العليا مع الروح السفليّة. 

فنجدها مغرمة بتشريح الجسد الأنثوي وتفصيله، حتى البورتريهات تضفي رنيم  نظرتها وإحساسها الخاص على الوجه المرسوم بتصويريَّة ليست واقعيَّة، فالرجل شبه غائب في لوحاتها وكأنَّ حضوره خلف اللون باهتاً سوى من بعض البورتريهات، وقلما نجدها ترسم جسداً ذكوريَّاً كموقف من سطوة الرجل وحضوره، ففي كل لوحة من لوحاتها نشعر أنَّ ثمة وجع أنثوي مخبّأ خلف نثار اللون والشكل.

تنحاز رنيم إلى المرأة فتنظر إليها وإلى نفسها ككيان حر مبدع قادرة على صنع المستحيل.. فرغم احتفائها الكلي بالجسد الأنثوي والمرأة إلّا أنّها ترى الأمومة أكثر عمقاً وتجذراً، وتعد ما تراه من أفعال أنثويَّة للمرأة اليوم ليس أكثر من إغراء ووسيلة للرخص والإباحيَّة.. وأنّها أم تدافع عن أمومتها وكيانها.

في الكثير من لوحات الفنانة ثمة بعثرة لونيَّة.. محاولة سكب ألوان الروح المشتتة على بياض اللوحة.. حتى أن إحداها تُمثل أنثى بألوان حمراء سمتها "روح مبعثرة"، وهي تعتقد إن لم يكن حزن الفنان ووجعه وفرحه وأحلامه في كل تفصيل من لوحته فهو على الأغلب دهَّانٌ وليس فناناً.

المرأة التي ترسمها رنيم تحاول عبرها الدلالة على الحياة والأمومة والحب الصادق والخصب والروح التي تتخفّى خلف تفاصيل الجسد وتعبيراته اللونيَّة الوثابة والمحفزة، وتنظر إلى الحياة التشكيليَّة بغنى مدارسها وتجاربها وتعدد الاتجاهات بإيجابيَّة كبيرة.. ولا تحدُّ من تجاربها وتترك لنفسها قوة التجريب وحيويته بغية الوصول إلى ما هو جميل، فبصمتها التشكيليَّة واضحة تدل عليها كفنانة وإنسانة، كما تصف حالتها الفنية والمدنية: فني الذي أقدمه يصف حالة المدينة بما فيها من تفكير وإيقاع عصبي وانطباعات مفاجئة حادة، لكنَّها دائماً عابرة وزائلة، فهي تنطوي على مبالغات زائدة في الإحساس واللون والتعبير.

لم تنجز رنيم حتى اللحظة معرضها الفني الخاص وهي تسعى إلى ذلك عملاً ودراسة، وقد سبق لها أن شاركت خلال مسيرتها الفنية القصيرة بمعارض منها وطنيَّة ودوليَّة، كمعرض كلس بتركيا 2020، ومعرض شموع السلام بخان أسعد باشا بدمشق 2021، ومعرض الربيع في قلعة 

دمشق 2022.