الاحتفالات تعزز أواصر المجتمع

آراء 2023/01/07
...

 كاظم الحسن 

 

مختلف دول العالم تبحث عن الاعياد وتخترعها، لأنها ترطب الأجواء وتحسن الأمزجة وتهدئ النفوس، وتزرع البهجة والفرح والألفة في المكان، وهذه المناسبات ضرورة صحية للمجتمعات، التي عاشت ردحا طويلا في الحروب، فهي معذبة في حياتها وكوابيس نومها، اي جمهوريات الخوف، التي تعسكرت في غفلة من الزمن، وسلّمت زمام القيادة، بيد الدكتاتور لتنزلق في دوامة الحروب الكارثية.

نسمع الكثير من الكلام عن ضرورة وضع مصدات للعنف والقسوة، واستخدام القوة في الحياة اليومية، لكننا لا نتخذ اي اجراء عملي لمواجة أسبابها، ونكتفي بمناقشة أو معالجة الأعراض وليس الاسباب، مثلا التركيز على الأحزان وإهمال الأفراح له نتائج وخيمة وسلبية على الأفراد. 

صناعة السلام، تتطلب علاقات ترتبط بالحياة والممارسات الايجابية وتشكل الافراح ومنها اعياد الميلاد سواء الجماعية أو الفردية، فرصة عظيمة لادامة التواصل الاجتماعي وتمتين أواصر العلاقات العامة والخاصة وهذا ما تعمل عليه الشعوب، التي تقدس الحياة وتحتفي بها يقول اميل سيوران :” إلى أي استعراض بائس تأخذنا صرامة الحواس وجدية الجسد؟ أن تنفجر ضحكا في ذروة الشهقة، تلك هي الوسيلة الوحيدة لتحدي أوامر الدم ونواهي البيولوجيا” المياه كلها بلون الغرق، ص143.

الفرح والضحك والانشراح هو المضاد الحيوي أو “الانتبايتك” للحزن والالم وهو كما يصفه فرويد، الايروس مضاد إلى ثناتوس،هكذا تكون الحياة في تنوعها وتناقضها، الإنسان عليه أن يناغي الطبيعة في تجلياتها ومساراتها.

يذكر الباحث المصري أحمد أبو زيد، إن المصريين القدماء، وكما يقال (كانوا يعتقدون أن العالم خلق من الضحك.

فحين أراد الإله الأكبر أن يخلق العالم أطلق ضحكة قوية، فكانت أرجاء العالم السبعة، ثم أطلق ضحكة أخرى، فكان النور، وأطلق ضحكة أخرى، فكان النور، واطلق ضحكة ثالثة، فكان الماء، وهكذا حتى تمّ خلق الروح من الضحكة السابعة)، ويعلق موضحا” من أجل ذلك الضحك عنصر أساسي في الحياة، وصفة مهمة من صفات البشر، وعامل قوي في الربط بين الناس.

البعض يقول إن احتفالات العراق برأس السنة الماضية فيها الكثير من المبالغة، حتى لو افترضنا ذلك، ما الضير في الفرح وإن طال أمده واتسعت رقعته وبالغت الناس في حفلته، هي مرة واحدة في السنة ومناسبة عالمية تعيشها الشعوب بشكل مشترك، وتزامنت مع المونديال العالمي في قطر، الذي ظفرت بكأسه الأرجنتين وأعقب ذلك خليجي 25 المقام في العراق، ليشكل واحة فرح وسعادة تغمر الخليج والعرب.

إنها مناسبات ينبغي الاحتفال بها وادامتها، لتشكل مصدا للاحزان والسنوات العجاف ونهرب فيها لبعض الوقت، من عالم يبث التعاسة والحزن والألم، ويزرع الحزن طوال السنة، إنها فرصة لا تتكرر.