الحكم على جريدة الثبات

ثقافة 2023/01/08
...

في العدد المرقم 2146 من صحيفة الاستقلال، والصادر بتاريخ 17 نيسان 1934، نُشر مقالٌ بعنوان "قرار تجريم والحكم" بشأن دعوى مقامة على جريدة الثبات، جاء في المقال: 

نشرت محكمة جزاء لواء بغداد بتاريخ 16 نيسان سنة 1934 من حاكمها حسن سامي التاتار حاكم جزاء من الدرجة الأولى ببغداد المأذون بالقضاء باسم صاحب الجلالة ملك العراق وأصدرت قرارها الآتي: 

المتهم الحاج محمود رامز

القرار: طلبت النيابة العامة محاكمة المتهم الحاج محمود رامز بك، لنشره مقالًا بصفته مديرًا مسؤولًا لجريدة الثبات تحت عنوان "سنوا قوانين ولكن اعلموا أنها تتلاشى" وذلك في عددها الصادر تحت عدد (6) بتاريخ 20 آذار 1934 وعليه أجريت محاكمته ووجهت التهمة ضده وفق المادة 26 من قانون المطبوعات العراقي، وفي نتيجة المحاكمة لاحظت المحكمة فحوى المقال المذكور، وتأملت في مندرجاته فتبين لها أنه يتضمن انتقادًا حول تقديم الحكومة لائحة قانونية إلى المجلس النيابي لتعديل قانون المطبوعات الحالي، يزعم أن التعديل المذكور يقيد الحرية الفكرية، ويخالف حرية النشر وبهذه الصورة استدرج بانتقاده إلى توجيه اللوم والإهانة لرجال الحكومة كما هو ظاهر من صريح العبارات التي تضمنها المقال والتي لا يمكن تأويلها والذهاب إلى أنها لا تستهدف رجال الحكومة المسؤولين، لأن المقال جاء بعبارات متسلسلة توضح بعضها الاخرى، وبالصورة التي تؤيد القصد المذكور حتى أتى صاحبه بالعبارة الآتية "ولو أردنا بيان الحقيقة لرأينا أن المسؤولين هم الذين يجب أن تصلح أخلاق-هم وتوضع القوانين بتحديد تصرفاتهم الشائنة". 

إنَّ هذه العبارة جاءت مطلقة وأن سياق المقال حتى الورود إليه يدل بأن المقصود لم يكن إلا رجال الحكومة على اختلافهم لا كما جاء في الدفاع بأن المقصود هو عكس ذلك، سيما وأن التصريح الأخير لما تقدم بذكره (وهم بأنفسهم شجعوا الرذيلة ثم بعد ذلك عندما قام الرأي العام في وجوههم وانكر ذلك التصرف والاغراء بالباطل عمدوا إلى تعديل القوانين وكم الأفواه ليتسنى لهم الاتيان بما تكرهه الأمة ويأبه الشعب ووضعوا هذه اللائحة". 

ولما كانت اللائحة الموضوعة البحث أتت بها هذه الحكومة القائمة بالعمل الآن، وأن مجلس الأمة الحالي هو الذي باشر النظر فيها فلا يمكن إذن إخراج هذه الجهة والذهاب إلى أنها غير مقصودة زيادة على ذلك أراد صاحب المقال أن يوضح قصده بأكثر مما تقدم فأتى إلى ذكر موقف بعض الصحف بقوله "لو نظرنا إلى موقف بعض الصحف لوجدناها قد مست الكرامات ونالت من شخصيات كثيرة بارزة، فلم تهتم الوزارة يومئذ بأمر التعديل ولكنها عندما رأت أن تلك الصحف تتناول في نقدها شخصًا معينًا وكانت على حق في ذلك، قامت الوزارة وقعدت وأقدمت على التعديل وهي في غنى عنه، الأمر الذي لا يقبل التأويل والشك على أن المقصود هو ما ذهبت إليه المحكمة في تحليلها هذا. 

ولما كانت المقالة بمجموعها تتضمن عبارات واهانات ضد رجال الوزارة الحاضرة وأعضاء الهيئة النيابية وأن القصد ظاهر من سياقها ومغزاها الصريح ولم تجد المحكمة أنَّ هناك ما ينفي قناعتها وذهابها بالنظر لما تقدم لها من الأسباب سيما وأن الدفاع لم ينف ذلك بصورة ما، وأن كون المبدأ الحزبي الذي يخالف منهج الوزارة وأن المتهم منتمٍ إلى حزبٍ معارضٍ ولا إهانة من رجال الحكومة وأعضاء مجالسها وإنما الانتقاد يجب ألا يخرج عن الحدود القانونيَّة بكل حرية لذلك قرر رده ولما كان الفعل يعتبر من الأفعال الداخلية ضمن حدود قانون المطبوعات وهو ينطبق على المادة 26 منه، قرر تجريم المتهم بموجبها وتحديد عقابه بمقتضاها واعتبار عدم تعاطي المتهم مهنة الصحافة قبل ذلك وصدور هذه الجريدة منه لأول مرة من الأسباب المخففة بحقه واُفهم علنًا. 

الحكم: حكمت المحكمة على المجرم الحاج محمود رامز بك بغرامة قدرها عشرون دينارًا وعند عدم الدفع حبسه حبسًا بسيطًا شهرا ونصفاً وفق المادة 26 من قانون المطبوعات العراقي على أن ينشر هذا الحكم في أول عدد يصدر من جريدته وفق الفقر الثانية من المادة 23 من قانون المطبوعات المذكور، واُفهم علنا..