أحمد حسين
العنوان رياضي نعم، والحدث رياضي كذلك، لكنني أريد إسقاط ما تعرضت له قطر من هجمة شرسة على الواقع السياسي الغربي المتعصب سياسياً وعرقياً ودينياً وفكرياً وثقافياً، عنصرية طبقية بغيضة ومفضوحة إلى حد أن عقول العالم الأول فقدت صوابها وكشفت عن وجه في غاية القبح والبشاعة، لا يمكن تجميله أو التغطية على تشوهاته النفسية، ووفقاً لمعطيات العنصرية الغربية يجب أن تكون ردة الفعل الشرقية أشد
قوة.
حقيقة أريد أن أكون عنصرياً ليس انتصاراً لفئة إنسانية على أخرى، وإنما أريد تسليط الضوء على العنصرية، التي فرضت نفسها على الشعوب والأمم لنحو قرنين من الزمن، لمجرد أنها ترى نفسها «العرق الأسمى» وما سواها مجرد «بيادق» في رقعة شطرنج وضعت هي قواعدها العنصرية.
بداية لست منحازاً لمحيطي الجغرافي بجهاته الأربع، لذلك أتمنى أن لا يحسبني أحد على أي معسكر، لأنني منحاز وبتطرف لهويتي دون غيرها ولا أعير أدنى اهتمام لأي انتماء خارج إطار هذه الهوية التي أؤمن بها
وأقدسها.
الهجمة التي تعرضت لها دولة قطر قبيل انطلاق منافسات تصفيات كأس العالم 2022 لكرة القدم (مونديال قطر)، أثارت الكثير من علامات الاستفهام، أبرزها: لماذا بات «الشذوذ الجنسي» معياراً لتقييم الدول والأنظمة والمجتمعات البشرية؟، لماذا لا يكون المعيار الحقيقي والإنساني والعقائدي والقانوني هو الحفاظ على نواة كل مجتمع بشري ألا وهي العائلة، التي من خلال الحفاظ عليها تنبثق المجتمعات الإنسانية السويّة؟، ولماذا يجب أن تكون معايير الغرب المختلة هي المقياس لتقدم الشعوب أو تخلفها، إنسانيتها أو حيوانيتها، عقلانيتها أو شذوذها؟.
ما هو المعيار الذي جعل الغرب سيداً للبشرية وعلى الجميع أن يكون عبيداً لإرهاصاته ومخططاته ومتبنياته؟، والحقيقة حتى مصطلح الغرب هو تعريف فضفاض في غاية التطرف، فالدول التي تتبنى سياسة «التركيع» للبشرية جمعاء ما هي إلا بضع دول لا تشكل مساحتها حيزاً واسعاً على كوكب الأرض، ولا يشغل سكانها رقماً مهماً في التعداد البشري، وفي مقابل نخبها العلمية والقيادية والعسكرية والاجتماعية، هناك أيضاً العقول الأفريقية، والآسيوية ذات الحضارات العريقة التي يتجاوز عمرها سبعة آلاف سنة، والأسترالية قارة التنوع العجيب، والقارة اللاتينية مصنع الإبداعات الرياضية وموطن «العالم الجديد»، وأوروبا الشرقية صاحبة الإنجازات الخطيرة، بالتالي نحن أمام حفنة دول فرضت نفسها سيدة للعالم، لكن في الحقيقة إذا ما اتحدت دول العالم الثالث وآسيا وأستراليا وأوروبا الشرقي، فلا قيمة ولا وزن لهذه الحفنة
العنصرية.
حرب سوريا، حرب اليمن، تنظيم داعش في العراق، الانسحاب من أفغانستان، حرب أوكرانيا، مقاطعة روسيا رياضياً - رغم أن الرياضة من المفترض بحسب المعايير الغربية لا يجب أن تدخل في الحسابات السياسية-، الهجمة على قطر، تحويل المثلية الجنسية إلى صنم يجب على الجميع الركوع له، وغير ذلك الكثير، وعلى ما يبدو أن عنصرية الغرب بلغت ذروتها إلى أن الإعلام الغربي والنخب الغربية جنّ جنونها وفقدت اتزانها المصطنعة إلى حد أنها مزق ورقة التوت المهلهلة التي تجاهد للحفاظ على ستر عورته
المفضوحة.
أنا في غاية الفرح والسعادة لأن دولة من دول العالم الثالث فازت على دولة من دول العالم الأول، واظن أن الوقت حان لنتحد ونقلب الموازين العنصرية
البغيضة.