العام الصعب أم الأصعب؟

آراء 2023/01/12
...

 حسين رشيد 


عاودت أرقام الإصابات بـ(كوفيد-  19) إلى الارتفاع في الصين، ما دعا عددا من الدول إلى فرض إجراءات الإقامة على الوافدين إلى الصين، أبرزها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية، التي تعدّ بالمحركات الرئيسة للاقتصاد العالمي، ما يشير إلى أن العام الحالي سيكون صعبًا اقتصاديًا على هذه الدول، ما ينعكس بدوره أكثر على اقتصاديات البلدان الناشئة، أو تلك التي تروم التحول من اقتصاد إلى آخر وسط جملة أحداث تعصف بالعالم تترك أثرها البالغ على الاقتصاد. 

وقد يكون العام الأصعب على دول عدة بينها العراق، الذي يمول كل احتياجاته من مبيعات النفط المستثمر من قبل شركات عالمية كبرى تعتمد على العمالة الاجنبية بنسبة كبيرة، تذهب واردات مبيعات النفط العراقي إلى البنك الفيدرالي الأميركي، الذي يبدو أنه أخذ يوجه السياسية المالية في البلاد، بغية الحد من عمليات الفساد، وتهريب الدولار، لدول تعدّها الإدارة الأميركية معاديةً لها، وإن أحكم البنك قبضته على الدولار في العراق فالأمور لن تسير كما تشتهى سفن القوى السياسية، التي تبنّت تشكيل الحكومة، ومن تحالف معها، إذ ستكون في مواجهة جملة تحديات في مقدمتها الاقتصادية الذي قد يدفع إلى تحديات اجتماعية تسهم بتنشيط التظاهرات الشعبية من جديد، فضلا عن التحديات السياسية والإقليمية والدولية، وما يترتب على الحكومة فعله ومواجهته كلّاً حسب مصدره وأثره.

سعر صرف الدولار في البلاد وتأرجحه المقلق سبب إرباكا وركودًا في الأسواق التجارية، ما يعني توقف حركة البيع والشراء إلا لبعض الحاجيات الاسياسية للعائلة العراقية، وهو أمر تسبب بخسائر بعضها منظور وآخر غير منظور حاليا، لكنه سيكون منظورا إذا استمر الحال على ما هو عليه، وبوجه الخصوص على التجار الثانويين وأصحاب الدخل المحدود من الموظفين والمتقاعدين، الذين انخفضت قدرتهم الشرائية بسبب السعر الحكومي الجديد للدينار مقابل الدولار في حكومة الكاظمي، والارتفاع الحالي نتيجة التضارب في البورصة ومعاقبة عدد من المصارف، التي كانت تستأثر بنسبة كبيرة من مزاد العملة اليومي.

 الحكومة تحاول بث رسائل اطمئنان مفادها بأن تأرجح سعر الدولار بين الصعود والنزول مؤقت، لكن دون أي ضمانات أو تحركات تحدّ من هذا التارجح وتسهم في إعادة الدولار إلى سعر الصرف المثبت من البنك المركزي، الذي بات مطلب الناس بعد أن كان مطلبهم عودته إلى سعره السابق، الذي وعدت بها القوى المشكلة للحكومة، وهذا ما لم يتحقق، ما يعني أن وعدا انتخابيا ركن على جنب، قد يكون إلى جانبه قريبا وعد القضاء على الفسا، خاصة بعد كشف تطورات ما يعرف بسرقة أمانات الضرائب ومحاولة لملمة أطراف تلك السرقة ووضعها طي النسيان، فقدت اعتادت القوى السياسية على ذلك، معتمدة على خلق أزمة جديدة تنسى ما قبلها.

عقوبات مالية من الفيدرالي الأميركي قد تطول مصارف وبنوكاً أخرى، حتما ستؤثر أكثر على سعر بيع الدولار في السوق، وسد احتياجات العمل والتعامل المالي اليومي، وربما لن تتوقف هذه العقوبات بحق المصارف المخالفة، التي يعود أغلبها للقوى السياسية أو لجهات مرتبطة معها، وهذا يعني إشكالاً آخر للحكومة وحرج شعبي للقوى السياسية التي ربما تتملص بعضها من دعمها وتأييدها لحكومة السوداني بعد أن نال مراده من وزارات وهيئات ودرجات خاصة..

وحتى موعد إقرار الموازنة والتوافق على بنودها، التي ربما تكون تحت وصاية أميركية أيضا، وما سيحدث من تنفيذ لاتفاقيات وشروط دعم تشكيل الحكومة من القوى الكردية والسنية، تبقى الساحة السياسية مفتوحة لشتى الصراعات لنيل المكاسب الحزبية والفئوية، هذه الصراعات قد تدفع بالحراك الشعبي إلى التحرك ولملة الأطراف من جديد، ترى هل سيكون هذا العام صعبًا على الحكومة والقوى السياسية؟ أم على القوى الشعبية والتيارات المجتمعية والشرائح الفقيرة؟ أم سيكون الاصعب على البلاد التي ما عادت تقوى على الوقوف؟.