لعبة الدولار و«ثورة الجياع»

آراء 2023/01/15
...


 أحمد حسين


كثيرون - وأنا منهم - استشاطوا غضباً من خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار من قبل الحكومة السابقة، وكان لكل شريحة اجتماعية تصريحاتها النارية أو الموضوعية، وأيضاً أطلق الكثير من المسميات على تلك الخطوة غير المدروسة من قبل الجانب العراقي، لكن أبرزها كانت تسمية «ثورة الجياع» التي أطلقها رئيس الوزراء الحالي السيد محمد شياع السوداني.

أنا لست مختصاً بالاقتصاد وهو أمر حقيقة لا أستوعب تفاصيله ومداخلاته وسياساته إنما فقط لديّ فهم بسيط، لكنني أشترك مع غيري في تفهم أن الاقتصاد هو المحرك الأساس للمخرجات السياسية والأمنية والاجتماعية وحتى الثقافية، وهو الأساس لصناعة الدول والإمبراطوريات وانهيارها أيضاً، وفهمي البسيط هذا يقترن بفهم أي مواطن بسيط مثلي لا يفهم من المعادلات الاقتصادية سوى ما توفره له من قوت يومه وما عدا ذلك - نحن البسطاء- لا نريد فهمه لأنه يهدد احتياجاتنا اليومية.

ولأنني لا أفهم فلسفة الاقتصاد، ولا أريد إشغال القارئ بهذه الفلسفة المعقدة، لذلك سأطرح رأيي الشخصي بكل وضوح ومن دون تسويق لجهة على حساب جهة أخرى ولا اتهم جهة وأبرئ غيرها.

رغم أنني من المستفيدين جداً من ارتفاع سعر صرف الدولار لأنني أتقاضى راتبي بالدولار وليس بالدينار العراقي، وبعد رفع سعر الدولار من 1200 دينار إلى 1450 ديناراً للدولار الواحد، فقد طرأت زيادة على راتبي الشهري تبلغ نحو 20%، لكن في المقابل هل فائدتي هذه تبرر ليّ الابتسام والاسترخاء والسعادة بهذه الزيادة على حساب مئات الآلاف من العراقيين المتضررين من خفض قيمة الدينار العراقي؟، كلا، لست بهذه الأنانية والوحشية، فأنا فرد من هذا المجتمع المتضرر من هذه الزيادة غير المبررة والتي جاءت فقط لتمرير عقوبات وضغوطات غربية على دول مجاورة للعراق كان سعر صرف الدولار فيها أعلى بكثير من سعر صرف الدولار في العراق وبعد الزيادة المفروضة من «القطب الأوحد» أصبح سعر صرف الدولار مساوياً لهاتين الدولتين - بوصف أدق-.

كما أن ارتفاع سعر الدولار من 1450 ديناراً إلى أكثر من 1550 ديناراً للدولار الواحد في شهر كانون الأول 2022، كان أيضاً مثيراً للاستياء بشكل كبير وخطير وللجميع الحق في الاعتراض على هذا الارتفاع المفاجئ، لكن علينا أن نتذكر أن سعر صرف الدولار في الحكومة السابقة لم يستقر عند 1450 ديناراً سوى لأيام معدودات وكان يراوح بين 1460 و1490 ديناراً، وحين تسلمت الحكومة الجديدة مسؤولياتها كان سعر الصرف 1480 ديناراً للدولار الواحد، أي أن الزيادة الطارئة التي حصلت في الأسبوع الأخير من كانون الأول لم تبلغ إلا بضعة دنانير، لكن الزيادة المقرّة منذ سنتين كانت بما يزيد على 25 ديناراً، بالتالي علينا أن نفهم جيداً منطلق التصريحات النارية للبعض لكي لا ننجرف عاطفياً ونحول أعصابنا إلى حطب في محرقة المكاسب والابتزازات السياسية.

زيادة الدولار الطارئة الحالية كتبت عنها وسائل إعلام غربية وقالت بصريح العبارة إنها «ورقة ضغط أميركية» فلماذا كانت ورقة الضغط الأميركية هذه مقبولة في الحكومة السابقة و»ملعونة» في الحكومة 

الحالية؟.