لا بّد من الالتفات لهذا الأمر

آراء 2023/01/15
...

 وجدان عبدالعزيز


نحن ندرك أن بلدنا العراق مر بظروف الحروب والحصار قبل سقوط النظام التي أنهكت كل مقومات العملية التنموية واستنزفت مواردها، من إهمال في استغلال المياه، وكذلك الأراضي الزراعية، حيث الاعتماد على الطرق التقليدية في عملية الزراعة، فضلاً عن هدر العوائد النفطية المتحققة في مجالات لم تخدم التنمية، وبعد السقوط وانهيار الاقتصاد العراقي نتيجة النهب والسلب وتخريب البنى التحتية للدولة، ثم دخول الدولة في حروبها ضد 

الإرهاب، وسوء الإدارات الرسمية واستشراء الفساد المالي في أجهزة الدولة، كلها أدت إلى خسارة معظم العوائد المتحققة من الصادرات النفطية في تحقيق تنمية القطاعات الإنتاجية، ومنها القطاع الزراعي والسياحة والصناعة، وهذا دل على التردي في العمل التنموي الزراعي وشكل خطورة الموقف في تأمين، ولو جزء من الأمن الغذائي 

للمجتمع العراقي وانعكاس ذلك على الأجيال المقبلة، ولا بد لنا من الاهتمام بالقطاعات الزراعية والصناعية والسياحية بخطط مدروسة، لأنها ستكون قطاعات تسهم في توفير فرص الالتفات إلى الاستثمار وبناء البنى التحتية المخربة واعتماد التنمية المستدامة، وحينما 

تفرز الديمقراطية من خلال صناديق الانتخاب مجموعة من الأشخاص، كي يتصدوا لمرحلة الأربع سنوات المقبلة في الدستور العراقي، لا بد من وجود برنامج للنهوض بهذه المرحلة، هذا البرنامج يتضمن 

خطوات التغلب على سلبيات ومعرقلات المراحل السابقة لبناء مؤسسات الدولة والتغلب على كل المصاعب لتوفير الخدمة الأفضل للجماهير، التي اختارتهم ووضعتهم بمواقع أعضاء في مجلس النواب، وبما أن الانتخابات الأخيرة جاءت مبكرة بضغط شعبي من ثورة تشرين الخالدة، 

كانت استحقاقات المرحلة المقبلة عبر مراحل كالآتي: إعادة الأموال المسروقة من قبل المفسدين عبر إجراءات قانونية وبالتعاون مع المحاكم الدولية، ومحاسبة المفسدين وفق القوانين العراقية، ليكونوا عبرة لمن اعتبر، ودراسة سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار دراسة موضوعية، وماهي الجدوى من هذا، كي نخفف نسبة التضخم التي أثرت في مستويات معيشة المواطن، إذ وصول كيس الطحين إلى سعر مضاعف غير مسبوق مثلاً، جعل المواطن الذي يعيش تحت خط الفقر يتضور جوعاً، لولا فكرة السلة الغذائية التي خففت بعض الأزمة ولو نسبياً، وكذلك هبط مستوى طبقة الموظفين إلى مستوى خط الفقر، ولهذا لا بد من معالجة تخفيض سعر صرف الدولار بالاتفاق مع الجانب الأميركي، أو رفع الرواتب، كي يتسنى إعادة الموظف لقدرته الشرائية، ومحاولة تقليل الهدر بالأموال العامة في الوزارات والمؤسسات، والتي تستنفد 50 % من تخصيصات الموازنة السنوية استناداً لتقارير ديوان الرقابة المالية والمتاحة إعلامياً، ومحاسبة وإحالة المسببين لهذا الهدر إلى القضاء، ومطالبة الوزارات والهيئات والمؤسسات بتقديمها حسابات ختامية مصادق عليها من ديوان الرقابة المالية. 

وهنا لا بد من إصدار سلم رواتب موحد لجميع موظفي الدولة وجعل النسبة بين هذه الرواتب معقولة، إذ وصلت النسبة إلى 100 ضعف بالنسبة للرواتب العليا، وهذا أمر مستغرب، فلا بد من توخي العدالة والأسس العلمية الصحيحة.

وهنا صار من الضروري محاولة إقامة مشاريع استثمارية حقيقية مبنية على أسس علمية تمتص البطالة الآفة القاتلة اجتماعياً.

والالتفات إلى تغيير أسلوب عمل المصارف والبنوك من الربح التجاري السريع، وتقليل نسبة الفوائد إلى أدنى حد وتغيير شروط الإقراض ودعمها من البنك المركزي العراقي.

والنقطة المهمة الأخرى ألا وهي محاولة هيكلة الأجهزة الأمنية في الجيش والشرطة وقوى الأمن الداخلي والخارجي على أساس عقيدة الولاء للوطن والمؤهل العلمي وحصر السلاح بيد الدولة، أي بيد القوات 

الأمنية.

اعتقد أن هذه هي استحقاقات المرحلة المقبلة، وهذه هي أمنيات كل مواطن يرجو أن يكون العراق في طريق البناء المؤسساتي وعلى أساس مبدأ الحقوق والواجبات.