هل يقرأ الناس الشعر؟

ثقافة 2023/01/15
...

  علي لفتة سعيد


يعتقد الكثير أن هناك قطيعة بين الأدب والناس، وأن الأدب أمر نخبوي خالص، وعلى الرغم من أن القراءة هي واحدة من خصائص الإنسان شاء أم أبى، كونه ميّالا إلى الإطلاع والمعرفة وإن تعددت الطرق، لكن يبقى الأدب هو المحور العام الذي يتهم في أنه مجال نخبوي على الرغم من أن هناك من يقول إن الرواية تتصدر المجالات القرائيَّة والتي تخرج من جانب التلقي المتبادل بين الأدباء حصراً إلى التبادل العام كونها مجالا مخياليا سهلا لمعرفة الحكايات والأفكار، لكن الشعر قد يكون هو الأكثر اتهاما في الابتعاد عن القرّاء، كما يرى البعض... فهل هناك من يقرأ الشعر؟

إبداع ورداءة

الشاعر والناقد نصير الشيخ يقول إن "الحديث عن الشعر وعوالمه يبعث لدينا دائما العديد من الأسئلة وكأنه يقارب هنا الفلسفة في بحثها وطروحاتها ومن ثم براهينها". 

ويضيف أن "الشعر في هذا الكون السيال من الرؤى والحدوس والصور ممتزجة بمجرة اللغة، مشكلةً نشاطًا جماليًا إبداعيًا رافق الإنسان لدهور"، مؤشراً أثره على أوّل رقّيمٍ سومري عبرت عنه حبًّا وشوقًا للحياة أناشيدُ انخيدوانا، وكتب ملحمة الخلق. 

ويشير إلى أن الشعر كلوحٍ مكتوب ظلّ في تجليات الحضور المعنوي الباعث في الروح الإنسانيَّة غنائها وفي تغييبهِ بسبب الحروب والحصارات وقوى الشر ما يؤشر أو ما يريدُ اندثاره.

لكنه عنقاء العصور ينهض من ركامه في كل يوم ويُعيد بهاء الذات الإنسانيّة. 

ويمضي الشيخ بقوله، بفعل تحوّلات العولمة أخذت الصورة حيزًا كبيرًا من اهتمام الإنسان المعاصر وبتلاحق بصري لا يتوقّف عبر برمجيات لا حدود لها. 

ذلك بحسب رايه أن القصيدة كجنسٍ أدبي خفت دفقها واكتسى معناها رماد، وهي تضم بين دفتي كتاب، وهي الآن كما يقول على سطح بصري مضيء "خادع ربما" تمارس دورها كحضور إعلامي استهلاكي.

لكنه يستدرك من أن الشعر في وفرة الآن ومازالت دور النشر توافق على أية مخطوطة تحت مسمى "الشعر" ومن دون فحص النتاج المقدم أو التمعن في سيرة من كتبه، والمطابع تدور عجلات ماكناتها في رفد سوق الكتب بدواوين الشعر والمجموعات الشعرية، وفي المنطوق السوقي هذا شيء جيد كوفرة أدبيَّة. 

أما عن سؤال من يقرأ الشعر؟ 

يقول الشيخ: لا أستطيع الجزم بأن الكثير لا يقرأ الشعر، لكنه يعود للتشخيص فيقول إن ما نراه وما نلمسه من حولنا لتوصيف هذه الموضوعة، ليس أوّلها صعوبة النص الشعري في كتابته الجديدة" قصيدة النثر/ الكتابة المفتوحة" والذي يكتب طبقا لتجربة الشاعر وتجريبه الرؤيوي واللغوي، يقابله على الضفة الثانية تماما ما يكتب من "رداءة" تحت طائل "الشعر" كمساحة عريضة في الكتب كدواوين شعر وعلى الفضاء الأزرق.

وهناك شعور لدى كاتب النص أي الشاعر، فهو يدون حالته الشعرية وفكرته الخالصة التي تستوعبها مساحة الورق المطبوع في جريدة او مجلة.. ويضع أسئلةً: من قرأ هذا النص؟

كم عدد قراء النصوص في هذه الصحف والمجلات؟

هل أتت هذه النصوص بذائقة جديدة؟ ويجيب أن في هذه المنطقة يبرز الدور المتبادل ما بين الشاعر/ المُنتج وهو الممتلئ بكل أسباب الحضور الإبداعي والمثمر في نتاجه الشعري، منتظرا آخرَ يقطف ثمار هذا النتاج/ متلقٍ/ قارئٍ/ يعي جمالية الشعر ودوره في الحياة. 

لكنه يقول إنّ "الرهان على طلبة الجامعة في أخذ هذا الدور في زيادة الاطلاع على التجارب الشعريّة وقراءة الشعر الحديث بنهمٍ ودراية، وبذا يساعد على ارتفاع منسوب الشعر وحضوره كفضاء أدبي وحياتي".


ثورة وانقلاب

الأديبة السورية نجاح إبراهيم تقول إنّ "حال الشعر كحال إنسان لم يتبقَ منه سوى عينين جاحظتين فارغتين". 

وتضيف: لا أظنُّ أنَّ الناس يقرؤون الشعر الآن، وهم في دائرة تحيط بها النار، وذلك للظروف المعيشية الصعبة، والحروب التي لم ترفع أصابعها الخشنة عن رقابهم، والفقر الذي صدّع أحلامهم، وسرق منهم الذائقة والحالة المزاجيّة الرائقة.  وتعتقد أنّ الشعر بات عملةً صعبة لا يحظى بقراءته إلّا من يملك ثقافة عالية، وإيمانًا به، ورغبة فيه، وقدرةً على التذوّق الرفيع، والفائدة؛ أيّ جني عسل ما يقرأ، وهؤلاء قلّة.

وتقول إنّ "ما ألحظه في أن من يقرأ الشعر هم الشعراء أنفسهم؛ يقتفي الشاعر قصيدة شاعر آخر، وكذلك بعض النقاد على قلتهم، إذ لا نجد نقادًا في الساحة الإبداعيّة يُتكأ عليهم"، وتزيد بقولها من أنَّ الشعرَ يقرؤه الدارسون والباحثون في الجامعات، بينما الشريحة الكبرى من الناس لا وقت لديهم لقراءته لخوضهم كما قلت في المشكلات، والأولى بهم تأمين خبز الحياة، فالممتلئ همًّا لا يمتلك تركيزا، ولا قراءة فنية عميقة، ناهيك أن ما ينشر الآن غثّ، ولا يُعتد به، خاصة الذي ينشر على شبكة التواصل إذ لا يُعدُّ شعرًا، ولا يعوّل عليه، بل لا تحتفظ الذاكرة به، وتعتقد أنّه بعيد كلّ البعد عمّا يؤرق الإنسان العربي، أو يدفع عنه الهم، أو يرفع رايتهوتؤكد ابراهيم أن قدر للشعر أن يقرأ، فسيكون بشكلٍ عابر لقصيدة عابرة، تماماً كمن يرى مشهداً يمرُّ من أمامه وهو راكب في قطار. 

ولكنها تعيد القول من أن الرواية تقرأ الآن أفضل من الشعر، ولكن لفئات معيّنة فقط، أي ممّن يقدر على اقتنائها، بشكل أو بآخر، وتستطيع أن تقول ما لم يستطع الشعر قوله في أبيات، أو قصيدة، ربما لأنَّ الرواية تشرح وتمدّ القارئ بما يبحث عنه على الرغم من أنَّ الشعر فيه معنىً كبير في لفظ وجيز، ولكن آنى لقارئنا المكتظّ بالهموم والمسؤوليات، المجلل بالفقر أن يستجليها ويستخرج قيمها الجمالية والمعرفية.؟

وتشير إلى ان الشعر العربي الآن يحتاج إلى ثورة، إلى انقلاب، وإلى شعراء يبنون صرحه بتفانٍ وإبداع كما كان في العقود السابقة حين كان الشاعر يرسم شكل الرغيف من هواء البلاد، أو من سنابل القمح، وفأس الفلاح، ومعول العامل، ليبقي المتلقي على قيد حياة.


غربة الشعر

الأديب التونسي عيسى المؤدب يقول، إن "السؤال يربكُ الشعراء العرب والناشرين على حد سواء، بل يزعجهم وقد هرب جمهور القرّاء من قراءة الشعر العربي الحديث، أو في الحقيقة، ما يسمّى بالشعر العربي الحديث". 

وعبر عن عدم حبه لاستعمال كلمة جثّة لتسمية الشعر على اعتباره لا يموت ما بقي الإنسان على هذه الأرض. 

ويضيف أيضا: لنحدّد المسؤوليّات أوّلا، الشّعراء في قفص الاتّهام، والنّاشرون كذلك، فلماذا نرمي بكرة النار في  اتّجاه القارئ، ويُعد القارئ الذي ييأس في الغالب من مصادفة قصيدة حقيقيّة، أو مشروع شعري حقيقي إن أراد قراءة الشّعر فهو يعود إلى المعلّقات الجاهليّة أو إلى شعر المتنبّي وبشّار بن برد وأبي نواس وأبي تمّام وغيرهم الكثير. ويضع الشّعراء في أقفاص الاتّهام، كون أغلبهم هاجر القصيدة العموديّة وقصيدة التّفعيلة نحو قصيدة النثر معتقدين أنّها أقرب إلى ذائقة القارئ المعاصر، لكنّ الواضح أنّ قصيدة النثر بقيت مشروعًا، فأغلب النصوص المنشورة مفتقدة لجماليات الشعر، ولحيويّة اللّغة وحرارتها وانزياحاتها الفنيّة. 

ويعتقد المؤدب أن المصيبة الأكبر أنّ الجميع ركبوا ظهر قصيدة النّثر لا صهوتها، فأصبحوا يتباهون بما يحرّرونه من نصوصٍ رديئةٍ وتافهةٍ ومقزّزةٍ تعجّ بها صفحات الفيس بوك والجرائد الرخيصة والمواقع التي تجيز كتابة الشعر وتكريم الأشباه والمجهولين لأسباب تجاريّة أو عاطفيّة عابرة. 

ويمضي بقوله: لقد عبث أشباه الشعراء بقصيدة النثر وداسوا على حرمة الشعر والشّعراء المحترمين في البلدان العربيّة كافة ممّن مازالوا أحياء مثل أدونيس والمنصف الوهيبي وشوقي بزيع وعدنان الصّائغ وغيرهم/ ويعتقد أن الكثير من الشّعراء رموا مناديلهم وهاجروا نحو الرواية وتركوا الشعر العربي في حالة اغتراب حقيقي، فهو يعيش حالات يُتم، وانكسار، وضبابيّة، ضبابيّة مشروع قصيدة النّثر وما بعدها أو ضبابيّة مستقبل الشعر العربي الحديث ككلّ. 

ويتهم عيسى الناشرين العرب كونهم تسبّبوا في انزلاق الشّعر العربي الحديث وخاصّة قصيدة النثر نحو الرداءة والعبث، فاختلط الحابل بالنابل وظهرت مجاميع ودواوين لا صلة لها بالشعر.

ويتهمهم بأنّهم مالوا الى الرواية فانتصروا لها ولكتّابها وأهملوا المشاريع الشعريّة الجادّة فأسهموا في مزيد إرباك المشهد الشّعري وتتفيهه. وبحسب رأيه أنّ أزمة الشعر العربي المعاصر لا تعود إلى تطوّر العلوم وإقبال الناس على الرواية باعتبارها مدوّنة العصر وأكثر امتاعًا وإفادة وإنّما تعود بالأساس إلى عجز حقيقي عن تطوير القصيدة المُعاصرة والانتهاء إلى إقرار مقوّمات نصّ شعري حداثي، لا يختصمُ في شأنه عاقلان.

ويختتم قوله: وقبل أن يحدث ذلك من سيقرأ الشعر في زمن غربة الشعر؟


 غياب الثنائيَّة  

الصحفي ومقدم البرامج عبد الأمير الكناني يقول: قبل رقمنة الأشياء ومن ضمنها المحتوى المكتوب بدخول العصف التكنولوجي كان الكتاب قيمة ليست فكرية فحسب إنما اجتماعية، لكن بعد ظهور الإعلام الفوري أو الرقمي وحضور محتواه المقروء والذي انسحب لأجناس الأدب ومنه الشعر تكاد تتلاشى ثنائيَّة الكاتب والقارئ كما تلاشت ثنائيَّة الإعلامي والمشاهد، فالكل يقرأ والكل يكتب والجميع يشاهد وينتج محتوى إعلاميا بذات الوقت على تطبيقات الانترنت وقنوات "اليوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، لكن مع هذا التطور هل زادت القراءة الادبية ومن بينها الشعر؟ أقول لا بطبيعة الحال، كون "السوشيال ميديا" جعل الناس تفقد احساسها بالكتاب ولاتقرأ، وثمة احصائيات عالمية في هذا الصدد تذيلنا فيها الامم بنسبة القراءة خاصة وإن في دولنا خير استثمار لقادة الدين والسياسة هو التجهيل الذي قاد إلى أن توافه المنتج المقروء أو المشاهد يحظى بـ (الترند) من خلال المشاهدات بينما الشعر لايحظى بالمتابعة إلا من أشياع ذات الوسط من الأدباء، وقد يتحمل بعض الناشطين في ميدان الشعر أيضا مسؤولية إنكفاء الناس عن الشعر لكتابتهم الجنس الشعري الغامض والضبابي في تركيبه اللغوي ومحتواه ويعرف بالقصيدة

النثرية. 

وأنا مع ما طرحته في سؤالك من أنَّ الرواية تتقدم الشعر في اهتمامات القرّاء كونها تحمل عناصر الفهم والوضوح والشد القصصي للمتلقي.  وكإعلامي حريص على إدامة أدواتي الكتابية والمعرفية بالقراءة وكانت ومازالت اهتماماتي بالرواية متابعة وقراءة وكذلك الشعر الواضح ذو النظم المفهوم السهل في الحفظ كوني في عملي الإعلامي احتاج المفردة الواضحة وتركيبة الجملة الادبية المفهومة في كتاباتي الصحفية والاذاعية والتلفزيونية باعتباري مراسلا ومعداً ومقدماً لبرامج اذاعية وعادة ما استشهد بأبيات شعرية، فكيف أفعل ذلك مع مقطوعة من شعرائنا الحاليين الذين يكتبون بطريقة الغموض والتواري خلف المعنى المجهول؟


غث وسمين

الشاعر علي محمد النصراوي يقول: كما هو معروف، أنّ الوضع الاقتصادي الذي يمثل البنية التحتية للمجتمع يترك آثارًا سلبيةً وإيجابية على البناء الفوقي لهذا المجتمع في مجال السياسة والصحة والثقافة والعادات والتقاليد وغيرها، وقد يترك آثاره أيضاً على أمزجة الناس وتوجهاتها، ويضيف أنه كلّما كانت هناك حالة من الاستقرار، كانت هناك فسحة تمنح الجمهور فرصة للقراءة والاشتغال في مجال الأدب وفنونه. ويشير إلى أن ما نلاحظه من حالة النكوص والارتداد في علاقة الجمهور بالأدب وفنونه، فيمكن إجمالها بالنقاط التالية.. أولها: الارتباك والفوضى في مجال الاقتصاد والسياسة وغيرها والتي تسير بالمجتمع عكس عقارب الساعة، تترك آثارها الموضوعية على جميع مفاصل المجتمع بما فيها الأدب وأشكاله المختلفة على اعتبار أنّه يمثل جزءًا من حالة عامة. 

وثانيها: إنّ ما تعانيه المؤسسات التربوية من حالات التسافل والتدني في مناهجها ومفاصلها الأخرى، كان سببا في عزوف أجيال من الطلبة عن القراءة وتطوير مواهبهم الثقافيّة. 

وثالث الأسباب يضيف النصراوي: العودة بالعقل العربي إلى الجاهليّة الأولى من خلال ترسيخ الخزعبلات والترّهات التي بقي يدور في فلكها ولم تترك له مساحة للجوانب المشرقة في الحياة، وخاصة في مجال الأدب وما فيه من عناصر الإبداع والجمال،  ورابعه: غياب لجان فحص النصوص أطلق العنان لدور النشر في طباعة الغث والسمين من المؤلفات، ممّا جعل جمهور القرّاء يفقدون الثقة ببعضها وينفرون من موضوعاتها البائسة التي لا تساوي ثمن طباعتها، ثمّ أنّ الجمهور يميل كعادته إلى المواضيع المختصرة والجاذبة سواء في مجال القصيدة أو المقالة النقدية أو غيرها من فنون الأدب .


تأصيل الشعر

الصحفي ومدير إذاعة المحافظة في كربلاء محمد رزاق يقول: لا أعتقد بوجود قطيعة بين الناس والأدب، بل لا يمكن أن تحصل في يوم من الأيام كون الأدب بمختلف أشكاله متأصّلا في المجتمعات كافة ولكن بنسب متفاوتة، ويضيف قد يعتقد شخص ما أن لاعلاقة له بالأدب ولكن في حقيقة الأمر هو لا يدرك سعة الأدب وتغلغله في مفاصل حياته اليومية التي قد تكون بسيطة؛ ولم ينتبه في يوم ما الى أن ما يتحدث به مبني على الأدب، وعن تراجع عدد قراء الشعر يقول رزاق لا أعتقد بذلك مطلقا كونه حاضرا في أحاديث الناس يستشهدون به تارة ويستذوقونه تارة أخرى، بل يمكن القول نتيجة لغزارة المنتج الأدبي الشعري والروائي والعدد المتزايد للشعراء والكتاب والروائيين صار من الصعب على القرّاء مجاراة نتاجاتهم الأدبية والإلمام بها كلّها في ظلّ الانفتاح التكنولوجي وقد يستثنى من ذلك الوسط النخبوي ذاته؛ ويقول أيضا: لا يمر يوم عند أغلب الناس إلا وتجدهم قد قرأوا فيه الشعر عبر تصفحهم لمواقع التواصل الاجتماعي على أقل تقدير أو اطّلعوا على نصّ أدبي. 

ويستدرك أن الذي تغيّر طريقة استقراء ردود الأفعال على النتاجات الأدبية، فسابقًا كان انتشار الكتب الأدبية وزيارة الطلب عليها معيارًا للقراءة ومؤشّرًا لنجاح المنتج إلّا أن الاجتياح الثقافي الهائل الناجم عن تعدد مواقع السوشيال ميديا غيّر هذه القاعدة ونسف معايير التقييم، فبات يحكم على  الشاعر مشهورًا بعدد متابعي صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي، ونتاجه الأدبي ناجح بعدد ما يحققه من مشاهدات وما يحصده من (لايكات) وحسب وجهة نظره فانه يعتقد إن الاهمية لا تكمن في سعة الانتشار بقدر أهمية تأثير النتاج الأدبي بالجمهور الذي أجده بمستوى الطموح بالوقت الحاضر.  فسابقا كما يضيف رزاق: كان بالإمكان تغيير أنظمة سياسية وإسقاط عروش من خلال قصيدة شعرية تلهب حماسة الجمهور، أما الآن فلا يمكن لقصائد الدنيا أن تؤثّر على موظف بمنصب صغير والسبب يكمن في فقدان التأثير  بالمجتمع، وهو  بحسب رأيه أمر طبيعي نتيجة لغزارة النتاجات الأدبية وتشتّت القراء، فضلاً عن تغير الذائقة العامة للمجتمع التي صارت مبنية على (تسليع) كل شيء بما فيها الإنسان نفسه، فتحولت النتاجات الأدبية إلى ما يشبه السلع من ناحية ضرورة التسويق فلم يعد الجمهور كما في السابق يبحثون عن المنتج الأدبي وانما وجد الاديب نفسه مضطرا لأن يبحث عن جمهوره لإيصال نتاجه

الأدبي.