حين نكون بين المحنة والمنحة

آراء 2023/01/16
...

 رحيم عزيز رجب

 

ما نمر به اليوم من إخفاقات والتي لاتعد ولا تحصى.

حتى باتت مألوفة على أذهاننا وتتقبلها عقولنا.

وما لم نألفه تلك الأمور المنطقية عندما نسمع خلو إحدى الوزارات ووزيرها من ملفات الفساد.

أو انجاز عدد من المدارس الكافية لتغطي الاكتفاء الذاتي لطلبة العراق.

أو بناء مستشفيات في مختلف مجالات الاختصاصات الطبية وتواجد الأطباء الأخصائيين دون السفر للخارج، هي محنة يعيشها المواطن العراقي بكل تفاصيلها ومعاناتها.

فالأمر لا يقتصر على العراق وما واجهه ويواجه كثير من الدول عا صرت وتعايشت هكذا ظروف ومحن، ولكن لنا في التجربة الكورية خير مثال حي حين تحولت من شعوب محطمة إلى إحدى كبريات الدول في العالم، بعد أن انهكتها الحرب العالمية الثانية. 

دخلت كوريا في حرب أهلية انتهت بانقسامها إلى كوريتين (شمالية وجنوبية). 

فبدت كوريا الجنوبية في حاله ميؤوس منها حتى خرج الجنرال الأميركي دوغلاس ماك أرثر (بأن كوريا ليس لها مستقبل ومن الصعب أن تنهض بنفسها حتى ولو بعد مئات من السنين)، ولم تكن وجهة نظر الرجل العسكري فقط فقد عبر عنها مسؤول الأمم المتحدة عن خط السلام.

آنذاك في كوريا عن صعوبة عودة كوريا بقوله (كيف لزهرة أن تنبت من بين الحطام) باقتصاد يعتمد تماما على الزراعة.

وصيد الأسماك ولشعب غير متعلم انهكته الحروب.

كان أمام المسؤولين في الكوريتين مهمة شبه مستحيلة للنهوض باقتصاد دولتهم الكسيرة.

كان معدل الدخل القومي في بداية الستينات من القرن الماضي 88 دولاراً للفرد الواحد، والصادرات الكورية أقل من 40 مليون دولار ومعدل الاعمار أقل من 55 بالمئة، بهذه الأرقام كانت كوريا تحتل مرتبة متدنية بين دول العالم، ولم تكن لها وجود بين أفضل 100 دولة، وبعد سنوات من الكفاح والتقلبات السياسية انتقلت كوريا التي ماهي عليها اليوم أصبحت من افضل 10 دول في العالم في الصادرات، بما يزيد 560 مليار دولار سنويا وزاد معدل الاعمار 80 بالمئة، لتصبح من أفضل 20 دولة، وأصبح معدل الفرد السنوي على 27  الف دولار.

هذه التغيرات ليست اقتصادية فحسب، بل كانت بذرة التطور الصناعي في كوريا الجنوبية عام 1967 قد نقلت ووطنت العلوم وتقنيات دول العالم إلى كوريا وتولت مراكز الأبحاث الحكومية هذه المهمة، لتتمكن من اختيار التقنيات التي تتوافق مع الخطة الحكومية لتطوير البلاد.

بذلك استطاعت أن تحول محنتها إلى منحة ذهبية وهبة للشعوب الكورية، لكي تنهض بمسؤولياتها الوطنية لتصل إلى ما وصلت اليه اليوم وفي مصاف الدوال الصناعية المتقدمة العظمى فهل يمكن الافادة من التجربة الكورية لتجاوز ما نحن فيه منذ

 عقدين.