علاقة رماديَّة

آراء 2023/01/18
...

 ساطع راجي


وجه قادة الإطار الشيعي أصابع اتهام واضحة وحادة للولايات المتحدة بالمسؤولية عن أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، جاء الاتهام بعد شهرين من ولادة حكومة الإطار، وكان الشهران مزدحمين بالاجتماعات التي عقدتها السفيرة الأميركية إلينا رومانوسكي مع رئيس الوزراء العراقي ومع الوزراء منفردين في وزاراتهم، وكانت سابقة تسجلها السفيرة في عدد زياراتها للوزراء خلال مدة قصيرة.

حتى موعد انفجار أزمة الدولار، كانت المظاهر تشير إلى تسوية ما بين الحكومة العراقية والسفارة الأميركية، تسوية أو هدنة تسمح بتسيير الامور بالحد المعقول من التوافق بين الجانبين، وفي حال استبعاد التفسير الذي يذهب إلى أن قادة الأطار وجدوا أن الأسهل هو تحميل أزمة الدولار للأميركان نظرا للبيئة والظروف، التي تساعد على هكذا تحميل وإن القادة توقعوا عدم اهتمام الأميركان بالاتهامات، فإن التفسير المتبقي يؤدي إلى توقعات صعبة، لأنه يعني انهيار التسوية/ الهدنة بين الجانبين.

الاجراءات الأميركية تتحمل جزءا من مسؤولي        أزمة الدولار في العراق، لكن يجب ألا ننسى أن الدولار كان يشهد مطباتٍ وارتفاعاتٍ حتى قبل طفرته الرسمية نهاية العام 2020 بحسب تسعيرة الموازنة، إذ كان يقفز احيانا من 1200 دينار إلى ما يتجاوز 1400، لكن لفترة محدودة بسبب تعقيدات إدارية أو سحوبات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في الصفقات والتهريب وغسيل الاموال، لكن الازمة الاخيرة كانت الاكثر تعقيدا وصعوبة لسببين، الأول أنها جاءت بعد ارتفاع رسمي كبير في سعر الصرف لم تكد الاسواق وجيوب المواطنين تمتص صدمته بعد، والسبب الثاني هو تزامنه مع ولادة الحكومة الجديدة التي سبق لقادة تحالفها ولرئيسها ان انتقدوا زيادة سعر الصرف وتعهدوا بإعادته إلى سابق عهده، لكن يبدو أن الجميع اصطدم بصعوبة تنفيذ العهد.

تشير اتهامات قادة الاطار بشأن أزمة الدولار إلى أن واشنطن ستضع العصي في عجلة الحكومة وتتعمد إفشالها، وأن الاجراءات لا تتعلق بمحاولة منع تهريب الدولار من العراق وانما وضع الاطار الشيعي في محنة عبر تشديد الحصار على الدولار الخارج إلى إيران، التي بدت منتصرة عندما شكل حلفاؤها في العراق الحكومة الجديدة وستؤدي الاجراءات المصرفية الأميركية إلى إلغاء معنى هذا النصر.

لم تعلق الحكومة العراقية على الاتهامات المتعلقة بأزمة الدولار كما لم يصدر تعليق حكومي على علامات الاستفهام والتعجب حول اجتماعات رومانوسكي المتلاحقة مع رئيس الحكومة ووزرائه، لتبقى العلاقة بين العراق وأميركا في منطقة رمادية كما كانت في معظم الاوقات، لكنها هذه المرة ملبدة بالتوتر وتهدد بالانفصام المؤلم وتسهل التملص من الفشل، وقد تعرقل الكثير من التعهدات ومنها بالتأكيد الانتخابات المبكرة.