فرصٌ لا تعوض

آراء 2023/01/21
...

 ياسر المتولي 


في خضم الأحداث العالميَّة الساخنة والمتمثلة بصراع الكبار على من يتصدر قيادة النظام الاقتصادي العالمي، إذ تشير الوقائع الى ان نظرية القطب الواحد قد يسدل عليها الستار عاجلاً أو آجلاً. 

فلم تعد امريكا وحدها المسيطرعلى الاقتصاد العالمي، وكما اشرت في مقالي السابق والذي حمل عنوان (2023 ومسار الاحداث العالمية)

فإن الصين ستنتزع الفرصة وتتقاسم مع امريكا قيادة النظام الاقتصادي الجديد. 

إنَّ الصين ستبذل قصارى جهدها من أجل استثمار هذه الفرصة التي لا تعوض بثمن وتلاحظون الإصرار والمطاولة.

إنَّ أحد أهم أسباب ميلان كفة ميزان القوى لصالح الصين هو سياساتها المرنة والمقنعة والتي تستهوي وتستقطب دول العالم في التعاطي معها ومحاولة الابتعاد عن امريكا من قبل اغلب حلفاء الامس وخاصة دول الخليج التي لمست تعاونا سلسا وغير ابتزازي من قبل الصين، على عكس السياسة الامريكية المتشددة بفرض شروط صعبة واحيانا محرجة في تعاملها مع حلفائها.

واستناداً الى هذه الرؤية وواقع السياسات المختلفة التي تتعاطى معها دول العالم فإنّ المصالح تقتضي اختيار أقرب الحلول واقتناص الفرص.

ولعل من مؤشرات المواجهة بين القطبين (امريكا والصين) سعي الصين ومحاولتها طرح عملتها (اليوان) في تعاملاتها التجارية مع دول العالم بديلا عن الدولار، وبذلك تحاول التقليل من هيمنة الدولار على التعاملات، وذلك سيضعف الدور الامريكي بعد أن كان الدولار هو العملة الوحيدة في التعاملات الدولية.

وبات هذا الامر يقلق امريكا واصبح ورقة ضغط بيد حلفاء الامس في التنصل من الاجراءات الامريكية المتشددة واضعف دورها الابتزازي.

ومن المؤشرات الاخرى الانفتاح الكبير للصين على الشرق الاوسط والتي بدأت مشوارها في زيارة السعودية مركز الثراء في المنطقة ومحاولة سحب البساط من تحت امريكا، وذلك من خلال عروض مذهلة وميسرة، وهذه ورقة ضغط أخرى قد تسرع من وقوع الحرب المتوقعة اذا فقدت امريكا صوابها.

العراق في وضعه الحالي والذي على ما يبدو بدا يواجه حصاراً استباقياً كي لا ينخرط في اللعبة الصينية الذكية في بسط نفوذها في الشرق الأوسط فأثيرت له زوبعة الدولار وتسببت في زعزعة استقرار العراق الاقتصادي وهو الهش أصلاً.

مهما تكون ذريعة واسباب اجراءات الصندوق الفدرالي في مراقبة ومتابعة حركة الدولار سواء حقيقية ام لا، فإنها تؤكد ما ذهبنا اليه بحقيقية السياسات المتشددة التي تتبعها امريكا مع حلفائها للأسف، وهذا ما يدفع بهم الى التخلي عنها والارتماء في أحضان الصين.

ازاء هذا الواقع ما المطلوب من العراق فعله للتخلص من هذا الهم؟.

الحل فقط يكمن في استثمار فرصته التي لا تعوض وقبل فوات الأوان من خلال استخدام عقلانية إدارة الفوائض المتحققة في تحفيز القطاعات الانتاجية المحلية من خلال ايلاء قطاع الزراعة وقطاع النقل وقطاع الكهرباء الاولوية وفق خطة خمسيّة، إذ يولي العالم الامن الغذائي أهمية خاصة باعتباره التحدي الاكبر بعد الازمة الاوكرانية الروسية وكذلك قطاع النقل بعد ازمة كورونا اما الكهرباء فهي القطاع الاهم في تحفيز الانتاج. 

وبذلك يمكن عبور مرحلة خطيرة وعصيبة يمر بها العالم وتمر بها منطقتنا ومحيطنا الاقليمي لأن أسعار النفط لا تدوم.

كفانا استيرادا مفرطا لسلع وبضائع ممكن انتاجها بسهولة وخصوصاً الزراعية حيث ان محصول القمح الروسي والاوكراني تسبب في قلب كل الموازين في ارتفاع التضخم والركود وغليان الاسعار وخلق ازمة اقتصادية عالمية كونه يمس قوت الشعوب.