أمير البركاوي
تصوير: خضير العتابي
لا يمكن للقطاع الحكومي استيعاب الأعداد الكبيرة من نسب العاطلين عن العمل، دون مساندة وفاعلية القطاع الخاص، الذي هو اليوم بحاجة إلى انعاش ومساندة خصوصاً في ظل الواقع المعيشي الصعب للكثير من الأفراد، مع ارتفاع نسب البطالة إلى مستويات كبيرة لعدم قدرة المؤسسات الحكومية المتخمة بالدرجات الوظيفية على استيعاب الخريجين الجدد، ومن أجل معرفة أهمية تفعيل القطاع الخاص ودوره في إيجاد فرص العمل للشباب كانت لنا هذه الجولة.
استيعاب محدود
يرى التدريسي في جامعة الكوفة، ورئيس قسم الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد الدكتور حيدر نعمة بخيت أن القطاع الخاص من القطاعات المهمة التي تستطيع الجهات الحكومية من خلالها أن تستوعب العاطلين عن العمل، لأن القطاع الحكومي مهما كان حجمه وسعته تبقى طاقته الاستيعابية محدودة، وبالتالي يكون الاعتماد على القطاع الخاص أكثر لإيجاد فرص العمل وفقاً لإمكانيات ومهارات طالب الوظيفة.
ترهل
وأضاف الدكتور حيدر نعمة بخيت "في العراق يعد القطاع الحكومي مترهلاً، ومتضخماً لكثرة التعيينات، من الفئات المختلفة المدنية والعسكرية والأمنية، وتذهب أغلب الموازنة إلى رواتب هذه الفئات. ويشير نعمة إلى أن قدرة القطاع الحكومي على استيعاب أيدٍ عاملة أكثر، أصبحت اليوم مستحيلة، وإذا تم الأمر فهو نوع من الانتحار الاقتصادي، لأنه بمجرد انخفاض أسعار النفط تصبح الحكومة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، ويذكر أنه عندما تراجعت أسعار النفط قامت الجهات ذات العلاقة، بتخفيض قيمة الدينار العراقي لغرض الحصول على مزيد من العملة المحلية كي تغطي العجز في رواتب الموظفين.
مهارة العمل
ويؤكد نعمة أنه في أغلب بلدان العالم، هناك اعتماد على القطاع الخاص في تشغيل الأيدي العاملة والجميع يفضله، لأن الأجور والحوافز أكثر بالمقارنة مع القطاع العام الذي يعد كلاسيكياً تقليدياً وفيه نوع من الجمود والرتابة، كما أن أنظمته غير قادرة على التطور وهذه كلها غير موجودة في القطاع الخاص، لأن العامل إذا لم يقدم مجهوداً متميزاً في العمل يمكن أن يفصل من وظيفته أو يخفض راتبه.
حلول مقترحة
وعن الخطط التي يجب أن تتخذها الجهات الحكومية يوضح الأكاديمي أن هناك خططاً لتطوير القطاع الخاص منها آنية ومتوسطة، وأخرى طويلة الأجل كإعادة الروح إلى المصانع الحكومية المتوقفة ومن الممكن أن تكون المشاركة، مع القطاع الخاص الذي يبحث عن الربح وبالتالي ستضمن الحكومة سيطرتها على الإدارة، ومن الممكن القيام بخصخصة بعض المشاريع وبالتالي استيعاب أيدٍ عاملة أكثر.
ويضيف نعمة أنه يمكن للدولة دعم القطاع الخاص، من خلال الحماية الجمركية ومراعاة السياسة الجمركية من الرسوم ونظام الحصص، مثلاً عندما يكون لدينا منتج محلي يفترض عدم السماح بعملية الإضرار به وغزو المنتج الأجنبي الرخيص، الذي يؤدي إلى القضاء على الصناعة المحلية.
ويختتم التدريسي في جامعة الكوفة، ورئيس قسم الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد حديثه بالقول: "يمكن تقديم الدعم المادي أي تقديم المساعدة في عملية الإنتاج، والمساهمة في سد قسم من التكاليف لكي يستطيع القطاع الخاص، منافسة المنتجات الأجنبية وبالتالي التطور والاستمرار في العمل وأن تكون هذه الإعانات المالية مؤقتة ولفترة زمنية محددة، لحين وصول إنتاج القطاع الخاص لدرجة من التطور".
سياسات وستراتيجيات
في دراسة أعدتها جامعة كربلاء ونشرت على موقعها الإلكتروني، بينت أن هناك مشكلات عدة يعاني منها القطاع الخاص، ومنها الافتقار إلى سياسات وستراتيجيات فعالة لدعمه، فضلاً عن تضرر البنى التحتية له، ما يستدعي اهتماماً خاصاً ودراسات رصينة وواقعية.
عجلة الاقتصاد
كان لعدد من المواطنين رأي في أهمية تفعيل القطاع الخاص وخطط النهوض به فحدثنا منهم، علي الجعيفري (موظف حكومي) قائلاً: إن لهذا القطاع أهمية كبيرة في تشغيل الأيدي العاملة، وخصوصاً بعد الانفتاح الذي شهدته البلاد بالآونة الأخيرة والزخم السكاني الذي جعل مهمة الدولة، في القضاء على البطالة تكاد تكون شبه مستحيلة، ويضيف الجعيفري: أن دعم الحكومة لمشاريع القطاع الخاص، ضروري ويعود بالفائدة على أفراد الشعب وحتى الجهات الحكومية نفسها.
بينما يجد كرار الزيادي الذي يعمل في شركة أهلية وخريج جامعي أن من أكبر وأهم المشكلات التي يعانيها القطاع الخاص، هي عدم وجود قانون ينظم عمله، إذ يعاني العاملون فيه من ازدياد ساعات العمل وبأجور زهيدة مع عدم وجود ضمان لحقوق العامل.
ويبين الزيادي أن تفعيل القطاع الخاص، من شأنه أن يقلل من أزمة شح العمل الموجودة حالياً بالإضافة إلى تحريك عجلة الاقتصاد في البلد، وارتفاع المستوى المعيشي للمواطن لدى توفر العمل له وبالتالي سينعكس هذا الأمر إيجاباً على البلد وعلى اقتصاده، ويعتقد الزيادي أن من أهم وسائل النهوض بالبلد هي تنمية القطاع الخاص، من معامل ومصانع وشركات أهلية لأن هذا سيسمح باستيعاب أكبر عدد من الطاقات والكفاءات العلمية، من الشباب الخريجين واستثمارهم بدلاً من ضياعهم في نفق البطالة.
تنمية المجتمع
يقول موسى لطيف (خريج جامعي) : "إن القطاع الخاص له دور في تنمية المجتمع، من خلال جذب الأشخاص العاطلين وزجهم في سوق العمل وتنمية قدراتهم لخدمة المجتمع، وإبعادهم عن كل ما من شأنه أن يؤذيهم كآفة المخدرات التي نراها اليوم منتشرة بين شبابنا بصورة كبيرة، مضيفاً أن هناك انتشاراً كبيراً للبطالة بين صفوف الشباب، فالقطاع الخاص له آثار إيجابية كبيرة في المجتمع، إذ من شأنه أن يقلل من نسب الفقر التي أخذت تتصاعد يوماً بعد آخر، إذ وصل الأمر إلى أن هناك عدداً كبيراً من الأسر التي ترزح تحت خط الفقر.
ويشير لطيف إلى أنه من إيجابيات القطاع الخاص أيضاً تشغيل رأس المال داخل البلاد، وهذا أمر إيجابي سينعكس على الفرد بصورة خاصة والمجتمع بشكل عام.