التنمیة في البصرة بعد کأس الخلیج

آراء 2023/01/24
...





 دیار طیب برواري


بعد إنتهاء فعالیات عرس کاس الخلیج 25 بکرة القدم التي اقیمت في البصرة، یتساءل المراقب عن من کان صاحب الانجاز وأن المستفید منه؟ في البدء لا بدَّ من الاشارة إلی أن فکرة بناء المدینة الریاضیة في البصرة، الذي بدأ منتصف 2009، کانت نتیجة الإهمال الذي کانت تعاني منه المحافظة بعد تغییر النظام في 2003 من ناحیة الخدمات الأساسیة وسوء المناخ وانتشار الأمراض وزیادة معدلات البطالة والفقر، ودمار البنیة التحتیة بعد العملیات الحربیة التي رافقت حرب الخلیج الاولی والثانیة. من هذا المنطلق ولوجود فائض في الموازنة الاتحادیة، ولفتح باب الاستثمار ومحاولة إرضاء مشاعر الاستیاء لدی البصریین، تعبیرا عن الإهمال والظلم الذي تعرض له، کان هناك توجه حکومي في بناء مدینة ریاضیة متکاملة في البصرة من أجل إیصال رسالة إرضاء الی شعبها.

بعد صرف ما لا یقل عن (550) ملیون دولار لبناء المدینة الریاضة بملعبیها (ملعب جذع النخلة وملعب البصرة) وقاعاتها الداخلیة وابنیتها و فندقها. کذلك تم صرف مبالغ طائلة في عملیة إیصال الخدمات والبنی التحتیة الی المدینة الریاضیة، من مطار البصرة الدولي ومن مرکز المدینة، التي کلفت مبالغ طائلة من میزانیة المحافظة ومن موازنة الحکومة الاتحادیة، وهي غیر معروفة بشکل حقیقي، کذلك توفیر الکوادر الاداریة والفنیة لادراة وصیانة هذه المنشأة العملاقة.

رغم أن الانجاز یحسب لاتحاد کرة القدم واللاعبین والکوادر الفنیة والاداریة، ولکن تعودنا أن نضع الانجاز في میزان الاشخاص (شخصنة المنجز) في بلدنا، ولهذا فإن النجاح الواضح لبطولة کاس الخلیج، یتم تحمیله الی الاشخاص بشکل رئیس، بالتأکید هذا هو منطق الاستفادة السیاسیة من إنجاز یرضی عنه الشعب العراقي، الذي فقد الأمل في الطبقة السیاسیة الحاکمة، ونحن هنا لسنا بصدد ذکر تلك الشخصیات أو الجهات، وهي معروفة للجمیع، لکن من الضروري التذکیر بأن الانجاز هو للبصرة بشکل مباشر، کونها هي صاحبة الاموال التي خصصت لبناء الملاعب والبنی التحتیة الخاصة بهذه المدینة الریاضیة، وشعبها کان راعي البطولة بشکل رئیس، لکن فرحة الانجاز والسعادة کانت مشارکة مع کل أبناء الشعب العراقي الذي تواجد وزین الملاعب وشوارع مدینة البصرة وفي وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. الموزائیك العراقي کان حاضرا بشکل واضح في هذا العرس الریاضي والفرحة و الانجاز کان عراقيا بامتیاز.

لکي لا نشاهد الإحباط في المجتمع البصري ولکي یتم استغلال کاس الخلیج کمبادرة لمشروع بناء البصرة کمحافظة منتجة ومزدهرة وسعیدة، ولتجاوز الأزمات الأزلیة السابقة من قلة التجهیز الکهربائي،  قلة المیاه الصالحة للشرب ومیاه الزراعة وهجرة رؤوس الأموال المحلیة، والتلوث البیئي من استخراج النفط (حوالي 3 ملایين برمیل یومیا) والغاز المصاحب، وتلوث میا‌ه شط العرب ( 200 کم) من مخلفات المعامل المحلیة، ومن المدن الواقعة علی مجراه، فإن الانظار تتجه إلی إدارة محافظة البصرة بشکل حضري (کون مجلس المحافظة مجمداً حالیا)، وکذلك الحکومة الاتحادیة من أجل رفع الغبن عنها ودفع مستحقاتها المالیة الحقیقیة، وکذلك الدفع بعجلة المشاریع الاستثماریة والتنمویة وجذب رؤوس الأموال الهادفة، لزیادة الإنتاج المحلي وتنویع مصادره، لتقلیل نسب الفقر والبطالة ولفتح المجال وتهیئة البنیة التحتیة لشباب البصرة، من أجل أن یجد نفسه مشارکاً فعالاً وفاعلاً في بناء المستقبل ومساهماً في بناء المجتمع والاقتصاد

 المحلي. 

لقد وجدنا أن الشاب البصري یندفع ویأمل بأن یکون نموذجا للشاب العراقي في إدارة عملیة التغییر والبناء للدولة العراقیة الحدیثة، ولدیه الکثیر من صفات الغیرة والشهامة والصدق والحرص علی أداء العمل بشکلٍ ممیز، ویدرك أن هناك الکثیر من التحدیات أمامه، ویحتاج الی أن تسانده وتدعمه الدولة من خلال مؤسساته 

المتعددة.