الجانب البعيد من حياتنا

ثقافة 2023/01/24
...

  بغداد: الصباح


لا يزال لدي شعور عميق، يعود تاريخه إلى طفولتي، بأنه يجب ألاّ نضيع أي شيء، خاصة الكلمات.. لكن الكلمات هنا ليست الموضوع بقدر أنها المفتاح الذي سيدخلنا لمذكراتنا ويومياتنا وما تشير إليه.. المذكرات مثل المرايا، المقصود منها عند النظر إليها رؤية العمق، لنستكشف ما هو موجود في الجانب البعيد من حياتنا. 

 بكل بساطة، ومن دون تعقيد.. هكذا يبدو كتاب "مذكرات طفلة" لآن فرانك.. والذي يعد من أشهر وثائق الحرب العالمية الثانية الذي قدمته دار نشر "آشور بانيبال، بترجمة وافية ودقيقة من زوي نبيل عن حكاية آن فرانك، التي لا تزال واحدة من أكثر المذكرات انتشاراً، والأكثر قراءة من بين الكتب في العالم. تم تصوير القصة مراراً وتكراراً، وأصبحت أساساً للإنتاج المسرحي والأوبرا وأفلام الرسوم المتحركة، ونقلت إلى السينما وحتى الأنيمي. 

بعد الاستعراض السريع لسيرة الفتاة، وحكاية اليوميات يُطرح السؤال: لماذا اشتهرت مذكرات آن فرانك؟ بماذا تميزت الفتاة عن غيرها من ضحايا الحروب والتعسف، والقهر، والاعتقال، والتمييز؟ 

"آمل حقاً أن أثق بك في كل شيء، لأنني لم أثق بأي شخص آخر، لكنني أتوقع المساعدة والدعم منك..". كتبت هذه العبارات يوم 12 يونيو 1942، في يوم ميلادها الثالث عشر، بعد أن استلمت للتو كهدية، دفتراً صغيراً أو صندوق أحمر وأبيض. 

تكمن قوة يوميات آن فرانك في هدوئها وواقعيتها وبساطتها وغياب "أقوال الحرب" الواضحة والتعليقات السياسية والآراء الفكرية عن النازية. فالفتاة تصف كيف تحترق الكستناء – الشجرة الوحيدة، التي تستطيع رؤيتها من نافذة الطابق السفلي- وكيف يتشاجر سكان الطابق السفلي الضيق فيما بينهم. لقد أصبحنا شهوداً محرجين تقريباً على المعرفة الذاتية الفسيولوجية للمرأة الناضجة، وكرامتها المؤلمة لأمها "للأسف أنموذج في هذا العمر" وحبها الهستيري أيضا لوالدتها. 

نحلم معاً بالذهاب إلى المتجر وشراء كل ما يشتهيه قلبك: "بلوزات صيفية وشتوية"، "أحذية مدرسية ذكية"، صوف ملون للوشاح.. وفي وشاح جديد تريد الذهاب إليه فتاة مجمدة- للتزلج بذراع مع ابن عم: "سنكون مثل هذين الزوجين الجميلين". 

"من العبارات الأخيرة التي دونتها آن فرانك في يومياتها.. في أغسطس 1944، قبل ثلاثة أيام من اعتقالها، ".. مرة أخرى اتخذ مظهراً تافهاً، أخفي كل ما في روحي، وأبحث عن طريقة لأصبح ما أريده ويمكن أن أكون إذا (...) لم يكن هناك أشخاص آخرون في العالم". يقع الكتاب في 230 صفحة من القطع المتوسط.