السوداني وتأكيده على بقاء القوات الأميركية

آراء 2023/01/25
...

 عبد الحليم الرهيمي


التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في المانيا، الذي كان في زيارة عمل رسمية لها مؤخراً، ثم في تصريحه لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، وأكد فيهما (حاجة العراق إلى بقاء القوات الاميركية لأغراض المشورة والتدريب)، مثل موقفاً وطنياً عراقياً جريئاً مقدراً فيه الضرورات الوطنية الفعلية لتلك الحاجة، وذلك بعيداً عن الشعارات والمزايدات والمواقف المتشجنة، وتقديم أهداف ومصالح دول أخرى عليها والتي تتحفنا بها بعض الجهات السياسية والفصائل المسلحة، دون أن تقدر بوعي ودراية المصلحة الراهنة والستراتيجية للعراق وشعبه بتحقيق ذلك.


لذلك استقبل هذا التصريح – التأكيد بردود فعل ومواقف (وحتى لا مواقف) متباينة بين مؤيدة ومعترضة و (صامتة) !. ففي حين توقع عدد من المحللين السياسيين بأن بعض الجماعات المسلحة – وكما جرت العادة في حالات مشابهة – ستقوم بقصف السفارة او القواعد الاميركية تعبيراً عن رفض هذا الموقف، وهو الأمر الذي لم يحصل لأسباب عديدة أطنب المحللون في الاشارة اليها، وأبرزها أن جماعات الإطار لا تريد ان تذهب بمعارضتها لبعض سياسات السوداني إلى نهاياتها، ما يؤدي إلى عزله وإسقاط حكومته وهي تمتلك الاصوات الكافية في البرلمان لذلك، لكنها لا تفعل ذلك، لأن الخاسر الاكبر والوحيد هو جماعات الاطار بالذات هذا في حين عبر آخرون عكس ذلك، بأن هذا التصريح يمثل (تمرد) السوداني على الإطار والانقلاب عليه وعلى (سياسته) المقررة! ونذكر بعض التحليلات بأن بعض جماعات الاطار المتشددة قد عبرت عن انزعاجها من بعض سياساته، بوصفها السوداني أنه بمثابة مدير عام عند الاطار، ولا يمكن أن ينفرد بمواقفه وسياساته وهو الكلام عبر عنه عضو الائتلاف أمين عام (العصائب) قيس الخزعلي بتصريح رسمي وهو كلام غير واقعي، ولا يتوافق مع المادة (78) من دستور عام 2005 النافذ التي تنص بوضوح لا لبس ولا اجتهاد فيه بالنص على أن (رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة).

ورغم كل ذلك يبدو واضحاً أن الإطار لن يتخذ أية سياسات او مواقف حديّه تجاه السوداني وبعض سياساته، لإدراكه للمخاطر التي ستعود عليه قبل الآخرين، وهو الأمر الذي قد يفسر الصمت، الذي التزمت به كل قوى الإطار تجاه تأكيد السوداني، بالحاجة إلى بقاء القوات الاميركية وهو الامر الذي يتعارض مع مواقف وشعارات بعضها لمثل هذه القضية. ويبقى السؤال المهم، وهو لماذا وما هو السبب الذي دفع السوداني لإطلاق ذلك التصريح – التأكيد ؟ ثمة اعتقاد لدى الكثيرين من المحللين والرأي العام أن السبب او الدافع يعود إلى ادراك السوداني ومعرفته الوافية، من خلال وجوده بمجلس الوزراء لفترة ليست قصيرة وأطلاعه على الحاجة الحقيقية للقوات المسلحة العراقية لدعم وتدريب ومشورة القوات الاميريكة للقيام بذلك، وهي المهمة التي لم تتوقف منذ البدء بتأسيس الجيش العراقي والقوات المسلحة الاخرى على أسس جديدة ومتطورة، بعد حل (الجيش السابق) في آيار عام 2003، وفضلاً عن ذلك فقد استند السوداني في موقفه هذا إلى إطلاعه المستمر وخاصة بعد تشكيل – حكومته قبل نحو ثلاثة اشهر على رأي القيادات العسكرية والمهنية، التي لها راي واضح تعبر عنه باستمرار عن حاجة العراق وقواته المسلحة بكل صنوفها إلى الدعم والمشورة والتدريب، التي من شأنها تعزيز الجيش العراقي وسائر القوات المسلحة بزيادة قوتها وتأهيلها وتدريبها على الاسلحة والمعدات العصرية المتطورة، والتي يفتقدها الآن حتى يستكمل الاهلية والجاهزية للدفاع عن العراق وشعبه ضد قوى الارهاب الظلامية كداعش واضرابها من قوى الارهاب. الذي بدأ يتحرك بشكل اوسع من السابق.. وذلك فضلاً عن دور الجيش والقوات المسلحة في الدفاع عن أمن وسيادة العراق وشعبه من الاعتداءات الخارجية، التي تتمادى في اعتداءاتها على العراق بمختلف السبل مستفيدة من عدم استكمال امكاناتها وجاهزيتها بالشكل المطلوب، فضلاً عن عوامل سياسية داخلية وأقليمية أخرى تعرقل 

ذلك.

من هنا يبدو واضحاً وجلياً أهمية التصريح – التأكيد الذي اطلقه رئيس الوزراء محمد السوداني وضرورة دعمه ومساندته ليس في هذا التصريح، إنما ايضاً من نقل حاجة العراق وقواته المسلحة إلى بقاء القوات الأميركية في العراق حليفة وصديقة تقوم بمهمة دعم ومساندة العراق وشعبه، إلى الصعيد العملي 

التنفيذي.