عبد الغفار العطوي
سنعالج المصطلحات المتعلقة بالوعي النفسي للمرأة ، و نختار بعضها ، لارتباطها بالصورة القاسية الذكورية وهي
العقدة البوفارية – عقدة ميديا – متلازمة ماري إنطوانيت الخ التي تشكل عالم المرأة بمنظور الرجل ، من حيث كيف استساغ الرجل تكوين صورة الحياة النفسية و الاجتماعية التي تعيش في كنفها ؟ و ما هو موقفها في الفلسفة النسوية التي اقتحمت المرأة ميدانها ، و جادلت الرجل حول ما هي مسوِّغاته في وصف عالم المرأة التخيلي بهذه الدستوبيا ؟
لا سيما أن الدراسات في مجال الفلسفة و علم النفس متاحة
فعلم النفس الذي شهد تطوراً ملحوظاً بمختلف تياراته و مدارسه و نظرياته في القرنين العشرين و الواحد و العشرين ، مازال خاضعاً للرجل ، في نظرته التقليدية لعلاقته بالمرأة كالفلسفة التي تعاني هي الأخرى من تدخله ، خاصة في الجانب الاجتماعي المرتبط بما يطلق عليه علم النفس الاجتماعي للجندر الذي ركز على ضرورة فهمه
سؤال هل ثمة تاريخ مستقل للمساء غامض على مدارك الرجل ؟
الموروث التاريخي للإنسانية يقول نعم و لا ، و ينشطر الباحثون و الباحثات إلى فريقين ، بين القائل بأن تاريخ المرأة هو ليس تاريخ الرجل ، ومن القائل بنفي أي تاريخ للمرأة بمعزل عن التاريخ العام ، بيد أن الفلسفة النسوية عالجت طرفاً من هذا الموضوع، من حيث أن القول مادامت تتصل الذكورية و الأبوية حتى يومنا هذا بدواع و مسوغات من الاعتراف بالوجود الأنثوي (1) و هذا بدوره يبيّن الفارق بينهما ، في نظر أحدهما للآخر ، فإن علينا الخوض في تاريخ العلاقات التي اعتمدها الرجل و المرأة معاً في تشكيل الهيمنة و الحميمية بين النوعين، فبالتأكيد إنها هي التي أفرزت هيمنة الرجل شبه المطلقة على تلك العلاقات ، و جعلت المرأة أن تعمل في المحافظة على قوة معالجتها للحميمية للوصول إلى التوازن بين النوعين ، و تتلخص في فهم الجندر ، و أسس التعامل المشترك في ميادين الحياة بين المرأة و الرجل (2) بيد أن عملية الهيمنة تبدو متأثرة بتاريخ الرجل الطويل ، مما يعني بالنسبة للنساء ، هنا أن تتضح الرؤية من استدعاء أُنسوية للخطاب الفلسفي و السياسي لغرض تجاوز محن الذكورية ، و مشكلة الجنس و الجنوسة ، و تحقيق كل اشتراطات العدالة في الالتزام تجاه الآخر الذكوري (3) لهذا تؤسس الفلسفة النسوية للمرأة عالماً دستوبياً على أنقاض يوتوبيا الرجل ، و يقوم الفكر السياسي النسوي بإنشاء قطيعة مفاهيمية يقوض بها البنى التي رسختها المجتمعات الأبوية التي جعلت المرأة بسبب نوعها البايولوجي تحتل دائماً و ظلماً مكانة أدنى من الرجل ( 4) من هنا بدت دستوبيا عالم المرأة تصطبغ بسيل من المصطلحات النفسية المستمدة من ظواهر مختلفة تاريخية ، و أدبية و شبقية تضع كمعايير لوصف حالات مرضية تصيب بعض النساء ، لكن تعميمها كمصطحات يؤشر نفسياً و فلسفياً ببروز أزمة مستفحلة في تاريخ علم النفس النسوي غير مؤكد
العقدة البوفارية : و هي تنسب إلى شخصية مدام بوفاري بطلة رواية غوستاف فلوبير
«1855 - 1925» الذي رفض الشهرة ، و تمت محاكمته على هذه الرواية ، و البطلة ( مدام بوفاري) أصبحت تعني في علم النفس الشخصية المهووسة بالعاطفة و الشبق و الانتهاك الإيروسي بتعبير جورج بتاي، مما عرض مفهوم الجندر لسوء الفهم ، و ارتبطت بعض الحالات الشبقية للنساء العصابيات بعقدة البوفارية التي لا تكتفي بالعدد المهول من العشاق ، و تمثل هذه العقدة الضربة القاسية للمرأة في تاريخها المخفي ، و تنعت حياتها المخملية بالمحرّمات ، و العقدة الثانية هي أزمة ميديا التي تستخدم بكثرة في الهجوم على النساء اللواتي يعانين من سيطرة الانتقام عليهن في تجربة الخيانة الزوجية ، و لعل الباحثة السويدية ( غودرون اكستراند) التي كتبت كتاباً تحت عنوان (غضب ميديا وعقدة النساء المهجورات) (5) بينت أن ما يترتب على تلك الخيانة من استفحال حالة الانتقام نتيجة المعاناة النفسية لأوضاع اجتماعية ، و غضب المرأة ضد مجتمع ذكوري و قيمه الاستبدادية المهينة للمرأة ، و في الأصل إن ميديا هي مسرحية كتبها الكاتب اليوناني يوربيدس و قد عكست المسرحية معاناة البطلة (ميديا) عندما هجرها زوجها (جاسون) مع وليديها الصغيرين ، أما متلازمة ماري انطوانيت، و هي زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر (1755-193) و قطع رأسها بعد قيام الثورة الفرنسية ، و اكتسبت مصطلح المتلازمة ، و هي تحول مفاجئ للون الشعر إلى اللون الأبيض ، و كان الحدث الذي على أثره أُطلق على هذا المرض ذلك الاسم، ، هذه بعض المصطلحات التي رسخها علم النفس الذي يهيمن عليه الرجل ، جعل من عالم المرأة كابوساً مزرياً ، لذا تكافح المرأة في البحث عن تاريخها الخفي الذي استطاع الرجل إخفاءه
إحالات
1 -الاختلاف الجنسي و السلطة سهاد حميد ذياب دار قناديل العراق ط1 2018 ص 17
2 - علم النفس الاجتماعي للجندر لوري رودمان – بيتلر جليكك ترجمة راقية الددويك المركر القومي للترجمة القاهرة 2018 ص 419
3 - الاختلالاف الجنسي و السلطة مصدر سابق ص 29
4 - المصدر نفسه ص 34
5 - السرد النسوي العربي عبد الرحيم وهابي دار كنوز المعرفة عمان ط22016
ص 91