{عينان زرقاوان}.. رواية تُجسِّدُ شخصيَّة زوجة توماس هاردي

ثقافة 2023/02/01
...

  بغداد: الصباح 

يعد النقاد رواية «عينان زرقاوان” من أهم ما كتب توماس هاردي، إذ إنها كتبت في أشد لحظات حياته حرجاً، وانعكست فيها الأحداث والقرارات التي جعلت منه كاتباً في ما بعد على الرغم من مسيرته المهنيَّة.

وتظهر روايته “عينان زرقاوان 1873” تقدماً كبيراً في اكتمال البناء الروائي. 

في ذلك الوقت التقى هاردي ايما غيفورد، وكانت امرأة متدينة ميَّالة إلى الانعزال ومدركة لمكانتها الاجتماعية العالية. وتزوّجا بالرغم من خطوبة هاردي لابنة عمه. 

الرواية بالأساس قصّة حب، لكن الفصل الدرامي المتعلق بالهاوية، على سبيل المثال، يحتوي على الكثير من التوتر والإثارة والسخرية والمشاعر الرقيقة، فضلاً عن بعض اللمسات الرومانسيّة. 

إنَّ مسرح أحداث الرواية هو بين ويسكاس ولندن، وذلك ما يعطي الرواية ملامح السيرة الذاتية، فالبطلة ذات العينين الزرقاوين ألفريدا سوانكورت هي تجسيد لشخصية إيما غيفورد التي أصبحت زوجة توماس هاردي الأولى. 

لقد جذبت طبيعة ألفريدا المرحة حولها عدداً من العشاق. 

لكنها عانت من التحيز الجنسي وما تبعه من أحداث ساخرة بين قيود المجتمع في ذلك الوقت.

تتحدث الرواية عن حب يجمع بين امرأة شابة تدعى “ألفريدا سوانكورت”، واثنين من خاطبيها حيث ينتمي كلٌّ منهما إلى خلفية مختلفة، الأول يدعى “ستيفن سميث” وهو رجل يمتلك مكانة متوسطة اجتماعياً، لكنه شاب طموح ويعشق “ألفريدا” بشدة، فضلا عن أن كليهما نشآ في البلدة نفسها. أما الخاطب الثاني فهو “هنرى نايت” وهو رجل محترم وأكبر سناً ولديه مكانة في المجتمع، إنه مثال حي على مجتمع لندن في ذلك الوقت، وعلى الرغم من أن كلا الرجلين أصدقاء إلا أن “نايت” لا يعلم بعلاقة “سميث” السابقة بـ “ألفريدا”.

تجد “ألفريدا” نفسها واقعة في معركة بين قلبها وعقلها من جهة، وتوقعات المحيطين بها، والديها والمجتمع، من جهة أخرى. فعندما يجد الأب أن المرشح لخطبة ابنته هو “ستيفن سميث” الذي يعمل كمساعد لاحد المهندسين المعماريين، هو في الحقيقة ابن عامل بناء يأمره بالمغادرة فورا. 

وأما “نايت” وهو أحد أقرباء زوجة والد “ألفريدا” والذي كان على وشك طلب الزواج من “ألفريدا”، يتراجع في النهاية ويرفضها عندما يعلم أنّها كانت تتودد سابقا إلى شخص ما.

فتضطر “ألفريدا” بدافع اليأس إلى أن تتزوج رجلا ثالثا يُدعى “لوردلاكسيليان”، وفي النهاية يسافر كلا الخاطبين معا ليعودا إلى “ألفريدا” لطلب يدها للزواج وكلاهما لا يعلم أنّها بالفعل تزوجت أو أنهما يرافقان جثتها وتابوتها أثناء سفرهما.

إنَّ رواية “عينان زرقاوان”، تمثل تجربة أخاذة ومثيرة لقراء اليوم. والكاتب توماس هاردي. 1840 - 1928 روائي إنجليزي، كتب القصة القصيرة والشعر كما كان من أنصار الحركة الطبيعية تتميز أعماله بطابع معين، حيث الشخصيات أسيرة مشاعرها وانفعالاتها، كما تتحكم البيئة والأقدار في مصائر شخصياته. 

ووفقاً إلى د.عمار شرقيّة فإنَّ هاردي لم ينظر إلى الطبيعة باعتبارها مجرد خلفية للأحداث أو مصدرٍ للإلهام الشعري والجمال وإنّما نظر إليها بوصفها قوة عمياء وتلك هي نظرة دارون وفكرته المسمّاة بالصراع من أجل البقاء، والتي تحدث عنها في أطروحته المسمّاة “في أصل الأجناس 1859”.  

وبالنسبة لوصف الطبيعة وبشكلٍ خاص وصف طبيعة “دورسيت” فإننا نجد وصفاً لها في روايته “تحت شجرة الغابة الخضراء” من دون ذكرها صراحة، في الوقت الذي أشار فيه هاردي صراحة إلى طبيعة “دورسيت” في مقدمة روايته “بعيداً عن الحشد 

الصاخب”.

على الرغم من أن هاردي كان يعد نفسه دائماً شاعراً وادّعى أنّ القصائد هي حبّه الأول، إلّا أنّها ليست شائعة مثل الروايات التي كتبها. 

تكمن شعبية هاردي الضخمة في الحجم الكبير للعمل، والمعروف معاً باسم قصص “ويسيكس”. 

هذه الروايات، التي تمَّ رسمها في مكان شبه خيالي، توضح حياة الناس الذين يُكافحون ضد شغفهم والظروف المعاكسة. تعكس معظم أعماله تألقه الرزين وإحساسه بالكارثة في حياة الإنسان. 

بصفته شاعراً ومؤلفًا، أظهر هاردي إتقانه في التعامل مع مواضيع خيبة الأمل في الحب والحياة، والمعاناة الإنسانيّة والمصير القوي. يتمُّ تعيين معظم أعماله في بيئة المأساة الاجتماعيّة والظلم وقوانين الشر وغالبًا ما تكون لها نهاية قاتلة، حيث يقع العديد من الشخصيات فريسة للظروف غير المتوقعة. 

ومن أبرز رواياته أول رواياته “الرجل البائس والسيدة النبيلة عام 1867”، ولكنه لم يجد لها ناشرا، “العلاجات الميؤوس منها عام 1871”، “تحت الشجرة الخضراء عام 1872”، وتم نشرهما تحت اسم مجهول، “زوج من العيون الزرقاء” التي يسرد فيها علاقته بزوجته الأولى، “بعيدا عن الحشد الصاخب عام 1874”، “عودة الموطن عام 1878”، “اثنان من البرج عام 1882”، وغيرها.