سرديَّات الحكاية وعلاقتنا الذاتيَّة بها

ثقافة 2023/02/07
...

 ضحى عبدالرؤوف المل

إن استكشاف ديناميكيات السرد القصصي في "امرأة عند النافذة" للكاتب رامي الطويل، هو البحث عن سرديات الحكاية وعلاقتنا الذاتية بها من خلال مستويات المعنى في كل قصة حبكها بالوقائع والمغزى الفلسفي لتخيلاتنا حول أصل الحدث الحكائي الذي بدأ منه وانتهى فيه. وهي من عالمنا الحافل برحلات ذاتية لأفراد نعيش معهم أجمل القصص، من دون الإحساس بوجودهم في حياتنا.

إلا من خلال قصصهم التي نعرفها. ومن ثم فإنَّ رامي الطويل وضعنا عند نافذته القصصيّة لنترقّب شخصياته من الموتى يعودون وصولا إلى شجرة الأطفال، لنتساءل بعدها عن الحقائق الأساسيّة التي تتمثل بالصمت والترقّب والتأمّل بالموت، وعلاقتنا به من خلال الآخرين. وما الحرب والموت إلا عادة ندمنها فيما بعد، وتقودنا إلى الحاجة للخيال لنستمر في الحياة الى حين اغلاق نافذة الروح. فكل شخص باللاوعي متعلق بفكرة الخلود والموت هو تجريد وجودي عرضي لا ننكره،  ولكن لا نستسيغه في الحياة الواقعيّة بينما في عالم الخيال القصصي هو نافذة لرغبات البقاء مستخدما التراكيب القصصيّة التخيليّة لتقويم الإحساس بما ينبغي الشعور به، ونحن نقرأ القصة تلو الأخرى بفن هادئ تتناقص معه المشاعر بين فرح وحزن وغضب ورضى، وباستبطان أحيانا للواقع المرادف للحياة عندما أدرك المعنى الحقيقي لعبارة "الأرض تحترق" في قصة الموتى يعودون. فهل شدد"رامي الطويل" على أهمية المشهد الإعلامي المختلف عن أرض الواقع برمته من خلال قصة الموتى يعودون؟ وهل الموتى يقدمون سردا مختلفا في حروب تُشن في خيال المؤلف؟ أم هي النافذة القصصيّة التي نطلُّ منها على الحقائق البشريّة التي يريدها الخيال بفعل السرد القصصي المبني على التحليل الفعلي للمشاعر المختزنة في باطن النفس المتعلقة بالحياة؟ 

مجموعة قصصيّة هي نتاج تأملات فكريّة في الحياة والموت، وبأشكال قصصيّة مختلفة استدعى من خلالها "رامي الطويل" الخيال استطراديا، لتشكيل العلاقات بنسج سردي، هو مؤشر حكائي للفصل بين الحقيقة والخيال عند تعيين الشخصيات، وبتقاطع مع ربط الأحداث عند استحضار العقدة وطرحها في المشاهد كما هي الحال في قصة بعنوان "الحاجز" بوصف تمثيلي يقاوم من خلال النهج السردي التقليدي في قصص نشأت بلا منازع من مواجهة الكثير من المواقف في الحياة. لا سيما تلك التي تشترك بخيوط موضوعية مع الأحداث الحياتية التي تتكرر في حياة الإنسان بتقلباتها وانعطافاتها، كتلك التي تخيلها مع تشيخوف ورفيق الدراسة القديم في قصة البدين والنحيف. فهل من توظيف فعلي لإشراك القارئ بالفعل الكتابي الحسي في القصص؟ أم هو الميل في تحديد أهمية الفن القصصي في المجتمعات؟ وما هي فائدته وقوته في التجديد المستمر في القصص التي يتم تحديثها عبر الزمن نفسه كما هي الحال بين تشيخوف ورامي الطويل في قصة الحاجز؟ 

قصص ترتبط بأصل حكائي هو اختبار حسي لقارئ يرغب في الحصول على حكايات قصصية بأسلوب يثير متعة فك الخيوط التي تربط القصص ببعضها البعض. لتكون فلسفية ببعضها ومن العائلة المجتمعية نفسها التي تكونت منها قصص مجموعة امرأة عند النافذة المحتفظة بالمبادئ السرديّة لفن القصة المحتفظة بأصولها الأدبيّة من حيث الصدى السردي للقصص التي لا تتناقض مع المبادئ الحديثة للسرد القصصي تحديداً، والتي تتوافق مع الأسلوب المبني على فكرة الموت وغرابته في الحياة من حيث قبوله أو رفضه رغم الحروب التي تقضي على موت المشاعر رغم بقاء الجسد أو الحركة الفعليّة للإنسان في الحياة. فهل تهدف مجموعة رامي الطويل القصصيّة إلى أن تكون فعالة في زمن سيطرت فيه الرواية بشكل كبير على فن

القصة؟