عزيزي دكتور قاسم:
مشكلتي أنَّني دائمُ القلق من احتمال الإصابة بمرض الزهايمر نظراً لضعف ذاكرتي وصعوبة تذكر الأحداث الأخيرة وأسماء الأصدقاء، ومن الصعوبة أيضاً العثور على أشياءٍ وضعتها في مكانٍ ما ولو قبل دقيقة، ومع محاولة البحث والتذكر أشعر بدوارٍ وإحباطٍ
ويأس.
في السفر يحدث أنْ أستيقظ ولا أعرف أين أنا ولماذا جئت الى هذا المكان. ربما يستمر هذا لثوانٍ لكنها ثوانٍ رهيبة. وأحياناً أمشي في طريق وفجأة أتوقف لأتذكر الى أين أنا ذاهبٌ وماذا أفعل هنا ولثوانٍ أيضاً. أحياناً أتذكر أشياءً وحوادث وأسماءً حدثت قبل أربعين أو ثلاثين سنة فأشعر بفرحٍ غامرٍ لأنني
تذكرتها.
قبل شهرٍ ذهبت الى دائرتي التي أتواجد فيها مرة كل شهر ولم أتذكر أسماء أكثر الذين سلموا عليَّ. ارتفع ضغطي من محاولة التذكر، وعندما عدت الى البيت لم أستطع النوم من شدة القلق والإحباط. ثم بحثت في هاتفي وعثرت على اسم أحد زملائي الذين التقيتهم في الدائرة وبعد ثوانٍ تذكرت الجميع تقريباً فحمدت الله ونمت بعدها مباشرة.
أنا في الخمسين وقلقٌ جداً جداً.. ساعدني أرجوك.
ابو محمود
عزيزي أبو محمود:
مرض الزهايمر أو "الخرف" يصيب في العادة من تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين، لكنه يبدأ ببطء ويؤثر بشكل عام في إمكانيَّة الشخص المسن بالقيام بفعالياته اليوميَّة، لا سيما تلك التي تتعلق بالتفكير والذاكرة واللغة، ويظهر عرضه المبكر على المصاب باضطرابٍ في تذكر الأشياء التي حدثت مؤخراً أو أسماء الأشخاص الذين يعرفهم، غير أنَّ اضطرابات الذاكرة ما هي إلا جزءٌ صغيرٌ منه، فهناك أعراضٌ أخرى أوضحها اضطرابات اللغة بحدوث خللٍ في الكلام والقراءة والكتابة، وكذلك المهارات التي تتطلب جهداً ذهنياً كبيراً مثل السياقة أو استخدام الكومبيوتر أو حتى الهاتف أو جهاز التحكم بالتلفزيون.
سيكولوجياً، قد تظهر على المصاب أعراضٌ في شخصيته، كأنْ يفقد اهتمامه بالحياة وبالذين من حوله، وقد تشخّص حالته على أنَّها مجرد كآبة عابرة، مع أنَّ الكآبة حالة شائعة جداً مع مرض الزهايمر، وخاصة في بداياته، وفي الحالات المتقدمة منه يمكن أنْ يصبح المريض قلقاً أو عدوانياً، أو يزداد التشوش لديه فيهيم بعيداً عن البيت، ليسبب بالتالي إشكالاً اجتماعياً وقانونياً وإرهاقاً كبيراً لأفراد أسرته الذين يقع عليهم عبء رعايته.
والأرجح أنَّ حالة النسيان لديك تتركز بسببين، الأول: ضغوط الحياة وهمومك اليوميَّة، والثاني: القلق من المستقبل وانشغالك بتوقع الأسوأ. فضغوط الحياة متعلقة بالحاضر، بينما البعد الزمني للقلق هو المستقبل بتوقع حصول الأسوأ.
هذان السببان هما اللذان يشغلان تفكيرك ويؤديان الى النسيان، والعلاج يكون بأنْ تريحَ نفسك من التفكير بضغوط الحياة التي يبدو أنك تميل الى تضخيمها فتسبب لك القلق من المستقبل.
والأمر ليس سهلاً عليك بطبيعة الحال، إلا أنه يمكنك البدء من الآن بممارسة تمارين تخص الاسترخاء، أو أنشطة رياضيَّة، تمارين سويديَّة مثلاً، وترفيهيَّة كأنْ تكون سفرة مع أصدقاء أو نزهة في الحدائق مع أسرتك الكريمة، وكذلك مشاهدة أفلامٍ كوميديَّة ومخالطة أقرباء وأصدقاء متفائلين وليس من النوع الذي يشكو همومه. واستعن بذاكرة "الموبايل" وبالورقة والقلم لا سيما أنَّ هناك أوراق ملاحظات ملونة يمكنك الكتابة عليها ولصقها في مكانٍ بارز بخصوص ما هو مهمٌ من طلبات والتزامات.
مع أمنياتنا ألا تنسى ما قلناه.