المجلس التدريبي الأعلى

الرياضة 2023/04/03
...

علي رياح

بفعل برامج السهرات الرمضانية، تحوّلَ بعض التفصيلات غير الدقيقة أو الوقائع المُختلـَـقة، إلى وجبات معلوماتية يتعامل معها جيل الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى على أنها حقائق، ومعه العذر والحق، فهو جيل لم يعش تلك الوقائع في حينه، كما أنه لا يملك وسيلة التدقيق أو التمحيص فضلاً عن الرفض للكثير من التجاوزات التاريخية، وهكذا سيجد الجيل المقبل الطريق مُمهّداً أمام وقائع (مضروبة) لم تجر أصلاً إلا في سياق ما سيحفظه اليوتيوب من برامج رمضانية.

مشكلة أخرى أراها تتجدّد في كل رمضان بوتيرة متصاعدة، وهي ذلك السباق الغريب بين أجيال الكرة عندنا، ليكون السؤال في كل مرة: أيهما الأفضل: جيل مونديال 1986 أم جيل كأس آسيا 2007، وقد خلـّـف لنا السؤال أسئلة أخرى عن فشل الأجيال المتلاحقة في الوصول إلى كأس العالم مرة أخرى بمن فيها جيل مكسيكو الذي أخفقت البقية العظمى منه في تصفيات 1990.. ليتحول سباق الأجيال إلى توزيع عادل في الاتهامات أمام حشود من المشاهدين لا يملك الأغلب منهم قدرة الفرز للرواية الصحيحة فضلاً عن القدرة على تصحيح ما يُطرح على الشاشة.

في هذا السياق، يلفت انتباهي الرجوع في كل مرّة إلى تصفيات كاس العالم في الدوحة 1993 والحديث عن ملابسات الإخفاق في الصعود إلى نهائيات أمريكا مع أننا كنا نمتلك واحداً من أفضل وأروع المنتخبات التي مرّت في تاريخ العراق، ولا أدري لماذا يتوقف الجميع عند مباراتنا الأولى أمام كوريا الشمالية والخسارة الموجعة فيها بينما يتم تفادي الحديث عن الظروف اللاحقة التي أحاطت بالمنتخب خصوصاً ما يتعلق بالقرار الفوري الذي صدر بعد الخسارة وحَمّلَ المدرب عدنان درجال وأخطاءه المسؤولية فيما جرى، وتعيين ثلاثة مدربين دفعة واحدة لمواصلة قيادة المنتخب في التصفيات، وهم عمو بابا وأكرم سلمان ويحيى علوان، وقد اسميتهم في وقتها (المجلس التدريبي الأعلى) ولم يكن ممكناً لي أو لغيري أن يبدي قدراً أكبر من الاستغراب في ذلك الوقت.. ذلك لأن الثلاثة عملوا في فريق تدريبي واحد ولكن كان لكل منهم اختصاص صريح وواضح ولا يجوز القفز فوقه.. عمو بابا مسؤول عن اللياقة البدنية والضبط والنظام.. أكرم سلمان مسؤول عن إدارة المباريات من الناحية التكتيكية.. يحيى علوان مسؤول عن الإحماء. 

كلنا كنا نعلم بهذا التوزيع للمسؤوليات في إطار غريب لم نألفه من قبل، ولكن الجميع تعامل معه بإلزام والتزام شديدين بمن فيهم الطاقم الثلاثي، حتى أنني ولدى العودة من الدوحة بعد انتهاء التصفيات سألت المدرب سلمان عن صحة توزيع المسؤوليات دونما تداخل، فأكد لي في حديث موثق منشور ذلك (التوزيع) تأكيداً شديداً، بينما أكد لي الراحل عمو بابا أنه كان المدرب الأول المُطلق بين الثلاثة.

لم يوفق منتخبنا في التأهل إلى كاس العالم برغم تحسن الأداء والنتائج، فلقد كانت الخسارة أمام كوريا الشمالية سبباً في ضياع تذكرة الصعود، لكن حديث المجلس التدريبي الأعلى كان يدور على ألسنتنا في تجربة تكرّرت أكثر من مرة في مواعيد أخرى من دون أن تحقق الهدف المنشود.