الاستشارة الغائبة

الرياضة 2023/04/04
...

 خالد جاسم
الاستعانة بالمستشارين ليست قضيَّة محصورة بالرياضة بل تجدها حاضرة بقوة واضحة لدى أهل السياسة أكثر من غيرهم إلا أنَّ الفرق يبقى قائماً وكبيراً في نوعية ومواصفات المستشارين الذين تُعهد إليهم أمانة كبيرة ومسؤولية جسيمة في توصيل الرأي السديد ووجهة النظر الثاقبة إلى المسؤول الذي تشكل كلمات المستشارين من حوله مظلته الأمينة وسلاحه الأقوى كما يجب أن يكون الأمر وليس أن يُفترض أن يكون. وفي واقعنا الرياضي تجد أنَّ قضية الاستشارة والاستنارة بآراء أهل الخبرة والكفاءة تكاد تكون مبتسرة ولا أقول إنها ضائعة أو معدومة برغم أنَّ الحقيقة الواجب أن تقال إنَّ بعضاً من أصحاب القرار الرياضي قد أحاطوا أنفسهم بسياج من الاستشارة الصحية والصحيحة لانهم يدركون خطورة وأهمية ما يصدر عنهم من قرارات واجب أن تكون ناضجة ومثمرة بعد مرورها بـ(فلتر) أهل الخبرة والكفاءة من المستشارين.

 إنَّ الركون إلى الاستشارة والمستشارين ليس عيباً أو نقصاً أو نقيصة كما يتوهم البعض أو يريد إيصال رسالة خاطئة إلى هذا المسؤول الرياضي أو ذاك بل العكس أو النقيض هو الصحيح لأنَّ قرار المسؤول سيكون قوياً ومحاطاً بدرع من الأمان عندما يستند إلى النصيحة والمشورة السليمة مثلما أنَّ ضرورة التدقيق والتمحيص في اختيار نوعية أهل الاستشارة والمستشارين تبدو واجبة وليس أن تكون خاضعة لمعايير أخرى قد تحدث مفعولاً عكسياً يؤدي إلى إفراغ أي قرار من محتواه بل ويصبح نقطة سلب وعامل إضعاف للمسؤول الرياضي بدلا من تمتين سلطته وإكسابها القوة المقنعة للوسط الرياضي.

وفي مجال كرة القدم وتحديداً في المنتخبات الوطنية برزت في الأعوام الأخيرة مطالبات تقوم على ضرورة تسمية مستشارين لتلك المنتخبات وهي مطالبات لا تخلو من واقعية بالنظر لما يمثله المستشار لو كانت تسميته متضمنة مواصفات ومعايير منطقية وتتيح له فرص ممارسة دوره وتوظيف قناعاته الفنية بطريقة الاستشارة للملاك التدريبي وليس الفرض والإقحام والإملاء لكن هذه التجربة لم تستمر للأسف واقتصرت في مرات متباعدة على المنتخبين الوطني والأولمبي في الوقت الذي يتوجب فيه العمل من أجل توفير هذا المستشار لمنتخبات الفئات العمرية ولا أدري حتى الآن لماذا تغافل اتحاد الكرة عن خدمات وخبرة رجل خبير وكفوء قضى معظم حياته المهنية ناجحاً في التدريب وخلق المواهب واكتشاف النجوم مثل المدرب القدير داود العزاوي الذي أتمنى على الإخوة في اتحاد الكرة الاستعانة بفيض خبرته العريقة وكفاءته الراسخة وجدارته المعروفة في العمل مستشاراً لأحد منتخبات الفئات العمرية والكلام ذاته يمتد ليشمل رجالاً آخرين تتوافر فيهم مواصفات المستشار الكفء للعمل مع المنتخبات الوطنية.