احترموا الأخلاق

الرياضة 2023/04/05
...

د . عدنان لفتة

عقوبات مناسبة وصارمة اتخذتها لجنةُ الانضباط في اتحادِ كرة القدم حول الأحداث المؤسفة التي رافقت مباراة فريقي النجف والقوة الجويّة  بملعب النجف الأشرف في نهاية الشهر الماضي ولقي فيها مشرف المباراة مالح مهدي اعتداء خادشا للحياء والأخلاق والقيم بتعرضه للضرب من قبل مشرف فريق النجف (فاضل محمد علي) الذي تهجم بالقول والضرب على مالح أمام أنظار الجمهور والكاميرات.

اللجنة قررت معاقبة المعتدي بالإيقاف لمدة خمس سنواتٍ من دخول الملاعب وعدم المشاركة في أي نشاطٍ خاصٍ بكرة القدم وهي عقوبة حافظة لكرتنا وأخلاقيات مجتمعنا وملاعبنا ورادعة كي لا تتكرر مستقبلا ونجد مثيلا سلبيا لها يشوه صورة ملاعبنا.

تذكروا أن العقوبة المتخذة جزء من الرد الأخلاقي والشخصي لمشرف المباراة، تذكروا مشاهد ضربه أمام الشاشات وموقف أولاده وإخوته وعائلته فيها وموقفه هو شخصيا كرجل مكلف بمهمة إدارية قانونية ثم يجد ذلك التعامل الفج معه الذي يسيء له ولمكانته في عالم كرة القدم والمجتمع بشكل عام.

الأمل أن تبقى العقوبة صامدة وسارية ولا نجد إلغاء أو تخفيفا لها كما حدث في عقوبات سابقة تم اتخاذها في قضايا مشاجرة فريقي الشرطة والقاسم التي عوقب فيها المعتدون المتسببون بها عقوبات جيدة لم تلبث جهات أخرى في الاتحاد أن عملت على تهميشها وإزالتها من دون مراعاة الجانب الأخلاقي وضرورة تحصينه وحمايته وحفظ هيبة الناس والعاملين في أروقة كرة القدم.

ليس هذا فحسب بل إن عقوبة أخرى اتخذت بحق مشرف فريق الشرطة لتعديه بالكلام على الحكام والإساءة لشخصياتهم المعنوية لم تلبث أن خضعت للمجاملات والعلاقات ليتم تخفيفها لاحقا.

نعم، ان المصالحة وردم الفجوة بين المتشاجرين وأصحاب الخلافات والمشاكل ضرورة مهمة، لكن ذلك ليس على حساب العقوبات المتخذة التي يجب أن تبقى صارمة باستمرار كي تكون درسا للآخرين، يحفظ صورة فرقنا وملاعبنا ويحفز الجميع على احترام القوانين والأنظمة بدلا من تحويل تلك العقوبات إلى مجرد شكليات مؤقتة ليس لها بقاء ولا تنفيذ مما يجعل البعض آمنا من العقوبات ويتولد لديه الشعور بأنه أكبر من القانون ولا يمكن لأحد أن يمس جانبه مهما ارتكب من الأضرار والمخالفات.

الاتحاد الكروي له اليد الطولى في إلغاء تلك العقوبات وتخفيفها مجاملة للبعض من أعضاء هيئته العامة وحرصا على أصواتهم الانتخابية، بينما عليه أن يكون أكثر حزما وحرصا في التعامل معها لأنها تؤسس لبيئة تحترم القانون في المقام الأول، وتحرص على الجوانب الأخلاقية وسيادتها  لجعل كرة القدم حافظة للروح الرياضية وداعمة لكل الاتجاهات الإنسانية الحسنة.

العقوبات هي رادع أخلاقي علينا دعمه والحرص عليه كي يبعدنا عن مشاهد اللكمات والصراخ والسباب والشتائم التي لا نتمنى مشاهدتها في ملاعبنا وفي بلدنا الذي يتعافى يوما بعد آخر من صورته النمطية السلبية الرابطة له مع العنف والدمار.

نريد مشاهد جميلة تعكس أخلاقنا وعاداتنا التي تربينا عليها في هذه الأرض الضاربة في أعماق الحضارة والتأريخ. نريد كرة قدم تقدم رسالة حب حقيقية، تشجع على الوئام والتسامح وسمو الأخلاق والمواقف، كي  تتعلم الأجيال والشباب معنى الكرة الحقيقي البعيد عن العنف والإساءة والأزمات والمشاكل.