مدربون في الذاكرة

الرياضة 2023/04/16
...

كاظم الطائي 



تناوب على تدريب منتخباتنا الوطنية والأولمبية والشبابية والعسكرية منذ الأربعينيات لغاية اليوم العشرات من المدربين الأجانب الذين تراوحت مدد مهمتهم بين الأشهر والسنوات وكانت لكل منهم حكاية وتفاصيل أهل مكة أدرى بشعابها لكن عددا قليلا منهم تخطوا حدود تجربتهم الفنية ليتركوا أثرا في الذاكرة الجمعية. نستعيد هنا جانبا من بصمات هؤلاء وهم قلة أحبهم أهل اللعبة وغمرهم الإعلام الرياضي باستذكارات رائعة، ليس لأنهم يحملون (عرق سويحلي) أو عظم هدهد أو تعويذة خاصة بالمحبة بل لأنهم عرفوا طبائع الناس وعاداتهم وتقاليدهم ودرسوا حال المجتمع العراقي بعناية فضلا عن تواصل مباشر مع الناس ورفع الحواجز والموانع بينهم وبين الأفراد والجماعات .

المدرب الروسي يوري له نصيب من الاهتمام الجماهيري في عقد الستينيات من القرن المنصرم وقد استمعت إلى استذكارات جميلة عن هذا المدرب لمن عاصره ومنهم الرائد الرياضي عبد الإله عبد الحميد إذ يعد صاحب الفضل باكتشاف العديد من النجوم وضمهم لمنتخب الشباب أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، ويروي لي  أبو زيد طرائف من بصمة الروسي وبحثه عن المواهب ليستعين بها مع تشكيلته حتى غدت مقولة أحد المدربين المحليين وهو عبد الرحمن أبو عوف مدرب البريد آنذاك تتداول كثيرا في الجلسات بعد أن استدعى يوري أبرز لاعبيه ومنهم فلاح حسن، بالقول: (أنا الربيت وليوري يروحون). 

جيل مبدع خرج من معطف المدرب الروسي وبقيت أوراقه شاهدة على تميزه لغاية عقود، وكسب حب أهل اللعبة ومن تتلمذ في مدرسته الإبداعية. 

وأكمل المدرب الاسكتلندي داني ماكلنن هذا التواصل وحقق حضوره الجيد مع كرتنا بالرغم من أن مهمته تقل عن العام وأولى خطواته أنه قدم للكرة العراقية مواهب جديدة وأعاد دوران أسماء سابقة بروحية جديدة تتناغم مع جمالية اللعبة وميلها للإبهار والفن الكروي. 

أشياء غير الكرة وفنونها أوجد مفرداتها الرجل الاسكتلندي ودخل قلوب لاعبيه والوسط الرياضي برمته  وكانت إطلالة منتخبنا الوطني في خليجي الدوحة في العام 1976 مثيرة بمختلف القياسات مع أن فريقنا حل وصيفا في أول مشاركة خليجية .

ثالث المدربين الذين بقيت أخباره عامرة في المجالس وكاد ينقل منتخبنا لثاني مونديال بعد المكسيك هو المدرب البرازيلي زيكو الذي قدم للملاعب تشكيلة من البدلاء الناجحين .

البرازيلي فييرا له حصة الأسد في ذاكرة الناس لأنه صاحب إنجاز تاريخي لكرتنا وكنت شاهدا على إعجاب الجماهير بهذا المدرب حينما عدنا على متن الطائرة الإماراتية من بانكوك إلى دبي وأهدته عراقية كانت على متن الطائرة قلادتها الذهبية على شكل خارطة العراق، ولم يتوان في ارتدائها لغاية اليوم وطالب مرارا بالحصول على الجنسية العراقية لما وجده من كرم ورعاية ومحبة من شعبنا بالرغم من مضي 16 عاما على الإنجاز القاري.  كاساس الإسباني دخل هو الآخر دائرة المحبة والاهتمام الجماهيري وحرص على إدامة هذه الصلة باستدعاء أسرته لبغداد مع أسر الطاقم المساعد وزارت عوائلهم مدن العراق وتناولت الفطور في أماس رمضانية وزاروا المتاحف وأماكن السياحة والآثار والملاعب والمنتديات والأسواق العامة وأول ثمار التميز كانت مع حصد اللقب الخليجي، فهل ستثمر الجهود بحصاد أعلى ببلوغ مونديال أميركا والمكسيك وكندا المقبل في العام 2