شبابٌ يفضلون البطالة على العمل

ولد وبنت 2023/04/17
...

  بغداد: سرور العلي 

بالرغم من توفر العديد من فرص العمل أمامه، الا أن حسن سلام (27 عاماً)، يفضل البقاء من دون عمل يشغل به وقته، بذريعة أن بعض الأعمال لا تليق به، أو لا تناسب إمكانياته ومؤهلاته، في حين لا يمكننا التغاضي عن مشهد لرجالٍ طاعنين بالسن، وهم يقفون منحني الظهور في طابور مسطر العمال، منتظرين فرصة عمل، ولو بأجور زهيدة، لتوفير لقمة العيش.

حول تلك الظاهرة يرى أبو محمد (62 عاماً)، أن شباب اليوم معظمهم عديمو المسؤولية، ولا يملكون الحماس والنشاط للعمل والاعتماد على أنفسهم، بل هم اتكاليون ويعتمدون على أسرهم، بتوفير مصاريفهم واحتياجاتهم، وهو على عكس ما كان في السنوات السابقة، إذ نجد أن الشاب كان حريصاً في البحث عن عمل، لإعالة أسرته، وتحقيق الاستقرار المادي والاجتماعي، والعمل بجميع المهن مثل النجارة، والحدادة، والتجارة. 

ولفت الطالب الجامعي ماجد كريم إلى أن وضع البلد، وظروفه الاقتصادية غير المستقرة، يصيبان الشاب بالإحباط والعجز، وفقدان الأمل بالحصول على عمل أو وظيفة تناسب ما يطمح له، لا سيما أن هناك شبابًا يحملون شهاداتٍ علمية، ولم يجدوا فرصًا مناسبة، بسبب انحسار سوق العمل والوساطة، التي لها دور بوضع الكثيرين بأماكن غير ملائمة لإمكانياتهم.

وبيّنت التربوية وسن محمد أن ثورة التكنولوجيا، واستحداث تطبيقات رقمية جديدة، وكثرة مغريات الحياة، لا سيما في السنوات الأخيرة أدت إلى زيادة نسبة البطالة بين صفوف الشباب، وتقاعسهم عن العمل، إذ نجد الشاب اليوم يقضي معظم وقته بتصفح مواقع التواصل، وإدمانه على ألعاب الفيديو، مثل لعبة "بوبجي"، و"فورتنايت"، كذلك فإن بعض الشباب اليوم، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى أسر ذات دخل جيد، يفضلون عدم العمل، وقضاء أوقاتهم بالترفيه، معتمدين على أهاليهم بتوفير مصاريفهم.

الباحث الاجتماعي د.محمد حبيب أشار إلى أن تهرب الشباب من تحمل مسؤولية العمل، وتفضيل البطالة يعودان لعدة أسباب، ولعل السبب الرئيس هو الخوف، ذلك الفيروس الذي يقبع في الإنسان نفسه، ويجعله يتخلى عن أهم شيء مكلف به، وهو تحمل المسؤولية تجاه نفسه وتجاه المجتمع، وخوفه من ارتكاب الأخطاء، ويبحثون عن صورة العمل المثالي، لكي لا يفشلوا، وهناك من لديه خوف من المغامرة، لذلك يلجأ الشاب إلى الكسل والراحة، وهناك من لديه قناعات بأن لا قيمة لأي شيء مهما عمل، والبعض لفشله عدة مرات بأعمال معينة يفضل البقاء أخيراً من دون عمل، وأسباب أخرى منها، كثرة النوم، والأكل الكثير، ما يسبب النهم العصبي. 

واقترح حبيب أن يفهم الشباب ذاتهم، والتفكير بمسؤولية تحمل العمل، وتحديد المخاوف التي يتهربون منها، والتوقف عن تبرير الفشل، والابتعاد عن التسويف، والذي نهى عنه الرسول 

(ص)، بقوله "وهلك المسوفون"، فينبغي ألا يقولوا سوف أعمل، وأقوم بذلك، بل عليهم إنهاء المماطلة، والقيام بأعمالهم، ووضع أهداف في حياتهم، وإنجاز 3% من أي هدف أسبوعياً، وهكذا إلى أن تصبح لديهم نشوة النجاح ولذة الفوز.

د.علي العنبوري/ ناشط حقوقي أوضح أن هناك الكثير من العمالة غير الماهرة يتجنبها الشباب العراقي، أو لا يرغبون العمل بها، وبالتالي يؤدي هذا إلى استيراد عمالة من دول جنوب شرق آسيا على حساب العمالة العراقية، وهذه تشكل مشكلة أو عائقا أمام الشباب، باعتبار أنهم ميالون إلى العمل بمجالات ربما أكثر رفاهية، أو ذات مردود أكبر أو مربحة أكثر، وبالنسبة للشابات فإن العملية متناقضة، فصعوبات العمل تكمن بأن ليست كل القطاعات متاحة لهن، بل هناك عدد محدود، ولا تستطيع الشابة العمل بكل المجالات، وبالتالي هي محصورة بقطاع كسل وعدم تحمل للمسؤولية معا.