عواطف مدلول
يتفق المختصون بعلم النفس والتنمية البشرية في آرائهم حول الاهمية الكبيرة للرقص، من ناحية تحسين مزاج الشخص الذي يؤديه، حيث يلعب دورا رائعا في التخفيف من التوتر والعصبية وإضفاء شعورٍ من البهجة والسرور، كما اعتبر نوعًا من الرياضة، التي تسهم في تحفيز هرمون السعادة والخروج من حالة الحزن والاكتئاب، وتعمل على جعل الجسم يمتلك مرونة عالية، ذلك ما دفع أغلب أصحاب القاعات الرياضية لإدخاله ضمن الدروس، التي تخصص لها وقتا في برنامجها، إلى جانب الألعاب والتمارين والنظام الغذائي الصحي.
ولعل العراق أكثر البلدان، التي تعرضت لأزمات قاسية، وظروف صعبة، جعلت الألم رفيقا دائما لمعظم أبنائه، ولأن شعبه متجدد عاشق للحياة لا تكسره المحن، غالبا ما يسعى للبحث عن سبل للتفريج عن همومه، والرقص العفوي من بين الطرق التي يعلن بها عن رفضه لكل ما يعمل على سلب راحته، لذا بات طقسه المفضل في مواسم الفرح، التي يقيمها بنفسه كأحد الحلول لمداواة جروحه، ونجح جدا بذلك.
وبالرغم من أن الرقص كان حالة غير محبذة ومخجلة ايضا في الزمن الماضي، إلا ضمن حدود الأسرة والعلاقات المبنية على الثقة، وبمناسبات معينة حصرا، وبطريقة تنسجم مع الاحتفال الذي يدعو للرقص.
لكن مع التغير الذي حصل بكل تفاصيل الحياة أصبح أمرا اعتياديا نوعا ما لدى بعض الناس، التي أباحت القيام به بشكل علني، ما جعل آخرين محاولة تقليدهم دون مراعاة الضوابط، التي تحده او تمنعه من الخروج عن المألوف، لذا وجهت لهم الانتقادات.
ظهرت مؤخرا بوسائل التواصل مشاهد لبعض طلبة الجامعات في حفلات التخرج، وهم يعبرون عن فرحتهم بتلك المناسبة، من خلال الرقص الجماعي العشوائي بحركات جنون وتهريج واضحة، استفزت الكثيرين وجوبهت بالرفض الشديد، لذا اتخذت بحق عدد منهم بعض ادارات الكليات اجراءات صارمة، لأن سلوكهم هذا ناتج من عدم وعيهم بمكانتهم ووضعهم، كبناة للمستقبل ومثال تقتدى بهم الأجيال القادمة، وينبغي منهم مراقبة تصرفاتهم، احتراما لقدسية الشهادة والمكان، اللذين يحملان قيمة علمية رصينة لا تليق بها تلك الافعال، كما ويفترض منهم التفرقة بين الاحتفال على المستوى الشخصي والمناسبة العامة، التي تضعهم تحت الأضواء والمسؤولية، وتتطلب منهم مراعاة الحدود بما يتلاءم معها.