عبد الرضا البهادلي
بات موضوع العقل المبرمج يقلق المجتمعات لا سيما الديمقراطية منها؛ لانعكاسه على قطاع الوظائف تحديداً ومع شيوع فرضيات وآراء أنَّ هناك 300 مليون وظيفة ستفقد مكانها خلال العقد القادم على أقل تقدير، بيد أنَّ مجتمعاتنا الإسلاميَّة تختلف في رؤية هذه المسألة بسبب سطوة الأعراف والقيم، علاوة على ضعف الثقافة الرقميَّة أساساً، بل وغالباً في مجتمعاتنا على الرغم من نهم التواصل مع قنوات التواصل بكل أشكالها من يوتيوب وانترنت وفيس بوك، بيد أنَّ الكثير منا يتعامل معها بطريقة سطحيَّة روتينيَّة، الأمر الذي أدى إلى تراجعنا وتفوق غيرنا وهذه مشكلة باتت واضحة للعيان.
وليس بعيداً عن العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي صرنا بأمسِّ الحاجة إلى مساحة إعلاميَّة تلتزم عبرها القنوات الفضائية العراقية في تقديم محتوى يوضح ماهية عمليات الذكاء الاصطناعي، لا سيما تلك التي تسهمُ في تزييف الأحداث من تقويل الإنسان ما لم يقل، مع التصوير الزائف الذي يمثل تهديداً للأسر والمجتمعات الآمنة، لا سيما تلك التي ليس لها رصيدٌ معرفيٌّ ولا حتى ثقافيٌّ بموضوعة الثقافة الرقميَّة ومنها الذكاء الاصطناعي السريع في عمليات التزييف والتي هي من السلبيات المتخصصة بالإنسان نفسة، على الرغم مما يقدمه هذا الذكاء من قفزة كميَّة ونوعيَّة في النمو والتطوير والاستدامة، وأنَّ تحصين الأفراد عبر تسليط الأضواء على أهمية عدم الانفعال إزاء ما يخرج من الفيديوهات وبالخصوص الابتزازية على اعتبار أنها مزيفة، من خلال ذلك نستطيع أنْ نشكل حاجزاً منيعاً ضد كل من تسول له نفسه نشر الفوضى الأخلاقيَّة التي تولد ردات فعل عنيفة من قبل ذوي الضحايا من الذين يقعون في الفهم الخاطئ ويتسارعون في تصديق تلك الصور والمشاهد.
ومن مظاهر التحصين زيادة التوعية وإيجاد مساحة إعلاميَّة تركز على هذه الخصيصة التي هي من أخطر السموم على قيم المجتمع المتعايش مع العفة والعفاف وعدم قبول التشهير بأي وجهٍ كان؛ لأنَّ ذلك يهدد قيم الأسر وكلنا يعلم (العقل السليم في الجسم السليم) وأنَّ الأسرة هي نواة المجتمع وهي الجسم والرسم لعلاقات التواصل الإنساني والتكافل، بل لنقل والتكامل الذي يبقى فيها المجتمع متماسكاً، وإذا ما تعرضت الأسر لهزات عنيفة فربما سينعكس ذلك على سبل التوازن المجتمعي الذي هو من سنن السماء التي ارتأتها للشعوب والأمم.
وبدورنا كأفرادٍ من هذا الطيف الواسع في المجتمع ينبغي علينا أنْ نسهمَ في تشخيص القضايا الأكثر إلحاحاً وربما الغائبة الحاضرة عن أصحاب القرار، لا سيما أنَّ السلطة الثقافيَّة باتت ضعيفة ولا تملك الكاريزما ولا السطوة الاجتماعية، وتسويق السلطة الثقافية في المجتمع وإنفاذ سطوتها تحتاج إلى وعي عالٍ وثقة عالية ووصول صوت المبدع الحر والمتحرر الخالي من الشوائب الإقليمية والدولية وهذه من الصعوبة بمكان توفرها في ظل فوضى التسقيط والتعتيم وسلطة المال، وربما تحتاج إلى عقودٍ وعقودٍ حتى تنضج وتصبح نافذة في المجتمع الذي ما انفكَّ يتعرض للمزيد من الهزات والمشاريع العابرة للقارات، وعما قريب سندخل في أتون وحراك الذكاء الاصطناعي ويبدو أننا ما زلنا في سبات وللأسف ونحتاج الى ثورة ثقافيَّة.