كينيث تشانغ
ترجمة وإعداد: أنيس الصفار
بناءً على النجاح الذي حققته مركبتها الفضائيَّة "هوب" (الأمل)، التي لا تزال تدور حول كوكب المريخ وتتابع دراسته، أعلنت دولة الإمارات العربيَّة مؤخراً أنَّها تخطط لمهمة تكميليَّة طموحة تتمثل في "رحلة طواف كبرى في حزام الكويكبات".
تقول رئيسة وكالة الفضاء الإماراتيَّة سارة العامري: "تنطوي مهمة حزام الكويكبات على قدرٍ مناسبٍ من التحدي، كما أنَّ فيها قدراً من العلم يثير اهتمام المجتمع العلمي بالإضافة الى فرصٍ طيبة للتعاون".
نظرة على "جوستيتيا"
اسم المركبة الفضائيَّة الجديدة هو "م ب ر" نسبة الى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات العربيَّة المتحدة، وقد حدد العام 2028 موعداً لإطلاقها. في شباط 2030 ستصل المركبة الى "ويستوالد"، وهو كويكب يقارب عرضه 2,25 كيلومتراً، فتمرق غير بعيدٍ عنه منطلقة بسرعة 32 ألف كيلومتراً في الساعة في طريقها لزيارة ستة أجسامٍ أخرى ضمن حزام الكويكبات، الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري. بذا ستمكن العلماء من إلقاء نظرة تفصيليَّة على سطح الكويكب والتعرف على كثافته وتكوينه الداخلي، كما تقول حور المعزمي القائد العلمي للمهمة.
الكويكب السابع، واسمه "جوستيتيا"، هو الأشد إثارة للاهتمام. يبلغ عرض "جوستيتيا" نحو 50 كيلومتراً ولونه شديد الحمرة وهو لونٌ غير مألوفٍ بين الكويكبات. بل أنَّ الكويكب نفسه يبدو أقرب ما يكون الى الكواكب الجليديَّة الصغيرة الموجودة في حزام "كويبر" الدائر حول الشمس خارج مدار كوكب نبتون.
هذا كله جعل علماء الكواكب يفترضون أنَّ "جوستيتيا" ربما كان منتمياً في الأصل الى الحدود الخارجيَّة للنظام الشمسي ومن بعد ذلك قذف به نحو الداخل جراء التغيرات التي طرأت على مدارات الكواكب العملاقة الى أنْ انضمَّ في نهاية الأمر الى حزام الكويكبات.
لو صح هذا التخمين فسوف تتيح زيارة "جوستيتيا" فرصة لدراسة جسم من توابع حزام "كويبر" عن كثب من دون الحاجة للقيام برحلة طويلة الى أطراف النظام الشمسي القصيَّة.
وفقاً للجدول الزمني سوف تحاذي مركبة الاستكشاف "م ب ر إكسبلورر" كويكب "جوستيتيا" من مسافة بضع مئات من الاقدام في تشرين الأول 2034 وتمضي هناك سبعة أشهر في دراسته باستخدام الكاميرات وأجهزة قياس الطيف لأجل تحديد مكوناته، بما في ذلك تحري وجود الماء، لأنَّ المعتقد أنْ يكون اللون الضارب الى الحمرة دلالة على وجود جزيئاتٍ أساس بنائها الكربون، وهذه هي وحدات بناء المادة الحيويَّة.
علاوة على ذلك سوف تنزل مركبة الفضاء مركبة هبوط صغيرة تستقر على سطح "جوستيتيا".
بكتلتها التي تتجاوز الطنين ستكون مركبة "م ب ر إكسبلورر" اكبر من مركبة "هوب" الفضائيَّة الإماراتيَّة التي سبقتها الى كوكب المريخ، ولدى مرورها بالكويكبات الستة الأولى ستكون منطلقة بسرعة عالية، وهذا سيتطلب ملاحة دقيقة تكفل بقاء الأجهزة مسلطة على الكويكب المقصود.
وافدٌ جديدٌ على عالم الفضاء
لكي تتمكن المركبة من تنفيذ كافة عمليات التحليق المخططة لها يجب أنْ تنطلق في شهر آذار 2028 خلال فترة منه لا تتعدى ثلاثة أسابيع. فإنْ لم تتمكن من الإقلاع في الوقت المقرر سينبغي إعادة التخطيط وربما تحدد لها وجهات كوكبيَّة جديدة.
الإمارات العربيَّة المتحدة وافدٌ جديدٌ على عالم الطيران في الفضاء، بعد ناسا ووكالة الفضاء الأوروبيَّة والصين ووكالة الفضاء اليابانيَّة "جاكسا" التي ارسلت كلها مركبات روبوتيَّة الى حزام الكويكبات.
دولة الإمارات لم يكن لديها برنامج فضاء الى ما قبل عقدين من الزمن، أما اليوم فلها نشاطٌ متنامٍ في مجال الفضاء، وهو جزءٌ من مسعاها لتنشيط صناعة التكنولوجيا العالية استعداداً لمستقبل لا يعود النفط متدفقاً فيه بوفرة.
قد يتمكن علماء الكواكب من التثبت أنَّ كان كويكب "جوستيتيا" مجرد متطفلٍ جاء من النظام الشمسي الخارجي، لكنَّ أجساماً أخرى يعتقد أنَّها من توابع حزام "كويبر" التي أزيحت الى الداخل تميل لأنْ تكون ضاربة أكثر الى اللون الرمادي المحمر. يقول "هال ليفيسون" المحقق الأول في مهمة "لوسي" التابعة لوكالة ناسا التي أطلقت في العام 2021: "تفسير ذلك هو أنَّ التعرض للشمس يتسبب بحرق شيء من المادة الحمراء كلما ازداد الجسم اقتراباً".
لهذا السبب يبدو كويكب "جوستيتيا"، المتسم بحمرة مقاربة لحمرة أجسام حزام "كويبر"، أبعد احتمالاً من أنْ ينتسب الى المكان الذي هو فيه.
عن صحيفة {نيويورك تايمز}