أملٌ في حياة خارج الأرض من أحد أقمار زحل

علوم وتكنلوجيا 2023/06/17
...

 واشنطن: أ ف ب

حصل البحث المستمر منذ زمن بعيد عن حياة خارج كوكب الأرض على جرعة دعم كبيرة، إذ عُثر على الفوسفور، وهو عنصر أساسي للحياة، في محيط تحت السطح الجليدي لإنسيلادوس، أحد أقمار كوكب زحل.

هذا الاكتشاف الذي حصل بناءً على دراسة بيانات جمعها مسبار كاسيني التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، نُشر الأسبوع الفائت عبر مجلة "نيتشر" العلمية المرموقة. وقد استكشف مسبار كاسيني كوكب زحل وحلقاته وأقماره من عام 2004 حتى تدميره في الغلاف الجوي لكوكب الغاز العملاق في عام 2017.

وقال كريستوفر غلين من معهد ساوث ويست للأبحاث، وهو أحد المعدين المشاركين في العمل البحثي "هذا اكتشافٌ مذهلٌ في مجال علم الأحياء الفلكية". وأضاف "وجدنا فوسفوراً وفيراً في عينات أعمدة الجليد المقذوفة من المحيط الجوفي".

معادن ومركّبات عضوية

وتبصق الفوارات الحارة الموجودة في القطب الجنوبي لإنسيلادوس جزيئات جليدية بالغة الدقة في الفضاء تغذي الحلقة "إي" (E) التابعة لزحل، وهي الأبعد والأرفع في الكوكب العملاق.

وكان العلماء اكتشفوا في ما مضى معادن ومركّبات عضوية في جزيئات الجليد التي أطلقها إنسيلادوس، ولكنْ ليس الفوسفور، وهو عنصر أساسي في الحمض النووي والحمض النووي الريبي الموجود أيضاً في عظام وأسنان البشر والحيوانات، وحتى في عوالق المحيط.

في الواقع، لا يمكن للحياة كما نعرفها أن تكون موجودة من دون الفوسفور.

وكانت نماذج جيوكيميائية تحدثت عن إمكان وجود الفوسفور في هذه الجسيمات، وهو توقع نُشر في مقالة علمية سابقة، لكن لم يتم تأكيد ذلك بعد، على ما أوضح كريستوفر غلين.

وأوضح فرانك بوستبرغ، المتخصص في علم الكواكب في "جامعة برلين الحرة"، في تصريحات أوردها بيان وكالة ناسا، أن "هذه المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف هذا العنصر الأساسي في محيط غير موجود على كوكب الأرض".

وللتوصل إلى هذا الاكتشاف، حلل معدّو الدراسة بدقة شديدة البيانات التي جُمعت بواسطة أداة "كوسميك داست أنالايزر" ("محلل الغبار الكوني") التابعة لمسبار كاسيني. وأكدوا النتائج من خلال إجراء تجارب مخبرية لإثبات أن محيط إنسيلادوس يحتوي على الفوسفور في أشكال مختلفة قابلة للذوبان في الماء.


محيطات سطحية

على مدار الـ25 عاماً الماضية، اكتشف علماء الكواكب أن هناك عوالم كثيرة ذات محيطات موجودة تحت طبقة سطحية من الجليد في نظامنا الشمسي. وثمّة ما يوجد منها على سبيل المثال على أوروبا، قمر كوكب المشتري؛ وعلى تيتان، أكبر أقمار زحل، وحتى على الكوكب القزم بلوتو.

ويجب أن تكون الكواكب التي لها محيطات سطحية، مثل الأرض، على مسافة كافية من نجمها للحفاظ على درجات حرارة توفر الظروف الملائمة لبقاء الحياة. ويزيد اكتشاف العوالم ذات المحيطات الجوفية من عدد الكواكب التي يمكن أن تكون صالحة للعيش.

وقال كريستوفر غلين "بهذا الاكتشاف، أصبح من المعروف الآن أن محيط إنسيلادوس يلبي ما يُعتبر عموماً أول شرط ضروري للحياة".

وأضاف "الخطوة التالية واضحة، إذ يجب أنْ نعود إلى إنسيلادوس لنرى ما إذا كان المحيط الصالح للحياة مأهولاً بالفعل".


تقاعد "أريان 5"

وفي سياق الفضاء وعوالمه الواسعة المجهولة يُحال الصاروخ الأوروبي الشهير "أريان 5" على التقاعد بعد 27 عاماً في الخدمة، ويأتي خروجه منها في مرحلة يعاني فيها قطاع الفضاء في أوروبا فراغاً، إذ باتت القارة شبه محرومة من بلوغ الفضاء بإمكاناتها الخاصة المستقلة في انتظار بدء العمل بصاروخ "آريان 6"، بينما تحتدم المنافسة عالمياً في هذا المجال.

وأُرجئ إطلاق صاروخ "أريان 5" الذي كان مقرراً مساء أمس الجمعة من كورو في غويانا الفرنسية، لأسبوعين أقلّه بسبب مُشكلة رُصدت في الصاروخ، على ما أعلنت شركة "أريان سبايس".

وأشارت "أريان سبايس" التي ستُعلن في نهاية حزيران عن موعد جديد لإطلاق الصاروخ، إلى رصد "عدم مطابقة" على خطوط المراقبة الخاصة بانفصال التعزيزات عن الصاروخ.

ودخل صاروخ "أريان 5" بعد الحادثة عصره الذهبي الذي تكلّل بسلسلة من النجاحات. ويقول جيليبير إنّ الفشل في إطلاق الصاروخ كان له "وقع إيجابي يتمثل في إبقائنا متيقظين بصورة تامة في شأن عمليات الإطلاق".

واكتسب الصاروخ سمعة جيدة لناحية الموثوقية لدرجة أنّ "ناسا" اعتمدته لإرسال تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي بلغت تكلفته عشرة مليارات دولار. وعقب عملية الإطلاق هذه التي نُفّذت يوم عيد الميلاد سنة 2021 بات الصاروخ الذي أُرسل فيه مسبار روزيتا الفضائي إلى مذنب 67 بي/ تشوريوموف جيراسيمنكو (2004) ومستكشف أقمار المشتري الجليدية إلى المشتري (نيسان 2023)، يحظى بمكانة كبيرة.