وجاء يوم السؤال الكبير

الرياضة 2023/06/19
...

علي رياح


حينَ بدأ الانفتاح على اللاعب العراقي المغترب أو المحترف منذ سنوات عديدة، كان السؤال يدور حول جدوى الاستعانة بلاعبين من خارج إطار الجغرافية الوطنية وإهمال لاعب الداخل الذي يواجه مصاعب الحياة وظروف اللعبة الصعبة تدريباً وإعداداً ولعباً، وكان ردّي الشخصي المبكر وخصوصاً في نهائيات كأس آسيا في أستراليا 2015 أن اللاعب هو اللاعب لا يمكن عزله أو فرزه بالنعوت والتوصيفات.. وما دام اللاعب عراقياً ومؤهلاً لأن يكون طرفاً في منتخباتنا الكروية فلا معنى للتردد في استدعائه وضمّه إلى المنتخب وإزالة أية عراقيل تحول دون تواجده مع المنتخبات، وذلك بصرف النظر عن كونه محلياً أو محترفاً أو مغترباً، وقد كنت منذ البداية أفضّـلُ وصف (المحترف) حتى لا تكون مفردة اغتراب مدخلاً إلى جفوة أو هوة نفسية بين لاعب من هنا ولاعب من هناك!

تأتي مباراتنا الأخيرة أمام كولومبيا لتشهد جملة من الوقائع، أولها مشاركة العدد الأكبر من المحترفين (في أوروبا أو الخليج) في المنتخب بالقياس إلى أية مباراة دولية سابقة للمنتخب تحت أي ظرف من الظروف وتحت إدارة أي مدرب.. وفي قناعتي الشخصية أن هذا اليوم كان يجب أن يأتي، وأن السؤال عن حصة أو نصيب اللاعب المحترف سيحمل نبرة عالية في أوساط جمهورنا الكروي بالدرجة الأساس، وهو جمهور يريد لفرقه أن تكون في وضع فني وبدني أفضل، والكثير من الجمهور لا تهمه انتماءات اللاعب (الجغرافية) ما دام اللاعب عراقياً وما دام يحمل الرغبة في أن يرتدي قميص المنتخب!

لم نشهد قبل وبعد مباراتنا أمام كولومبيا مظاهر رفض واسعة (تهزّ الشارع العراقي) احتجاجا على إشراك عدد كبير من المحترفين في أوروبا، بل على العكس تماماً كان وجود بعض اللاعبين الذين اشتركوا في المباراة موضع التقدير والثناء، ولم يثلم هذا أبداً من قيمة نجوم دوليين مهمين ورائعين ما زالوا يلعبون في الدوري العراقي.. جلال حسن وإبراهيم بايش مثلاً!

وجهة النظر الإيجابية إزاء اللاعب العراقي المحترف في الخارج كانت موضوع التبني الحقيقي من قبل المدرب راضي شنيشل خلال كأس آسيا في استراليا 2015، قال لي وقتها: سيأتي يوم نزيل فيه كل حاجز يحول دون ضمّ لاعب مهم في الخارج إلى منتخباتنا ما دام مؤهلاً ويعطينا الفارق إلى جانب زميله المحلي الجدير حقاً بتمثيل المنتخب!

كنت أشاطره الرأي في ذلك تماماً، ولقد أثبتت الأيام أننا مطالبون بإزالة أية نظرة تستغرب وجود مجموعة من لاعبينا المحترفين في أوروبا في المنتخب، هذا مع أخذنا بنظر الاعتبار أن محترفين مميزين آخرين لم تسمح لهم ظروفهم الشخصية أو الناديوية للالتحاق بمعسكر إسبانيا وخوض مباراة كولومبيا، ولا يرقى الشك عندي أنهم لو كانوا قد خاضوا المباراة لتركوا المزيد من الأثر والتأثير الإيجابي في المنتخب!

لاعب كرة القدم البارز ليس سوى موهبة لافتة، ونتاج مناخ كروي مناسب، وفكر تدريبي يديمه ويطوره ويفتح له الآفاق.. قد يتوفر كل هذا وغيره في مكان ولا يتوفر في مكان سواه.. وهنا تكمن العبرة!