ترابط المعلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعي

علوم وتكنلوجيا 2023/07/09
...

 رائد مهدي صالح * 

    

لم تعد المعلومات التي تصف المحتوى أو التعريف به، تعبر عنه فقط، بل أصبحت تشير الى معلومة مرافقة أو متممة لها. واحدة من أهم الصفات التي تتصف بها هذه المعلومات هي الارتباطية (Linkability) التي توضح مدى الارتباط أو العلاقة بين معلومة وأخرى عادة ما ترتبط بها، وغالباً ما يكون اسم المستخدم مرتبطاً بمعلومة، مثل عنوانه البريدي أو عنوانه الالكتروني. ومما لا شكَّ فيه أنَّ تعريف أو كشف شخصية أي مستخدم بشكلٍ كاملٍ يتربط بمقدار كمية المعلومات التي يتمّ الحصول عليها عنه.

المعلومات الشخصية عادة ما تكون هي الأشد حساسية وتأثيراً في المستخدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ونستطيع القول إنَّ شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أسواقاً مجانية لتبضع معلومات مختلفة عن الآخرين، لأنَّ الحسابات التي تنشرها هذه الشبكات، تُعرّف وتقدم معلوماتها عن مستخدميها بشكلٍ واضحٍ للمستخدمين الآخرين. الحصول على معلومات عن شخص تتعرف عليه لأول مرة عبر لقاءٍ شخصي مباشر ربما يعدُّ أصعبَ من عملية البحث عن معلوماته عبر عدة حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من أنَّ الكثير من المستخدمين يفضل استخدام اسمٍ مستعار، إلا أنهم لا يستطيعون حجب كل المعلومات الخاصة بهم، بسبب أنَّ الاستخدام (كالبحث أو التصفح عبر الشبكة نفسها) أصبح صفة مميزة وخاصة للمستخدم، هذه الصفه ترسم أو تحدد سلوك المستخدم الذي يميزه عن غيره، فببساطة يمكن للمستخدم أنْ يغير اسمه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أنه يمارس بنفس السلوك الذي يقوم به عبر شبكات أخرى.

والمعلومات اليوم ترتبط وتصف المستخدم بشكلٍ دقيقٍ؛ لأنَّ طبيعتنا كمستخدمين تجعلنا نكرر الكثير من السلوكيات عبر البحث أو التسوق عبر الانترنت، لذا فإننا بمرور الوقت نبني سلوكاً قابلاً للاستنتاج والتحليل، ليس فقط عبر برامج التحليل أو التعلم الآلي (Machine Learning) للمعلومات، بل وحتى من قبل المراقبة المباشرة التي يقوم بها بعض المستخدمين المتلصصين.

ببساطة نتائج البحث عندما تبحث عن عبارة واحدة تكون مختلفة عندما تستخدم أكثر من عبارة تدعم عبارة واحدة. كلما زادت كمية المعلومات المستخدمة في المعالجة كلما زادت احتمالية الحصول على معلومات خاصة أكثر، وكمثالٍ أوضح، في الولايات المتحدة الأميركية يمكن أنْ تتعرف على شخصية أي مستخدمٍ وبنسبة 87 % عندما تعرف ثلاث معلومات مباشره عنه، هي تاريخ التولد، الجنس، والرقم البريدي الذي يدلُّ على المدينة التي يسكن فيها. في حين إنَّ عملية التعرف ذاتها تفشل باستخدام صفة واحدة على حدة من الصفات الثلاث المذكورة. لذا تقوم الكثير من الشركات بتطوير خوارزميات تلغي الارتباط بين صفات مستخدميها باستخدام طرق فك التعريف الشخصي (Di-Identification). حيث تقوم هذه الطرق بمسح أو تغيير معلومات المستخدمين قبل إرسالها لأغراض التحليل الإحصائي كما يحدث حالياً في المؤسسات الصحية والبحثية في عموم بلدان العالم.

يمكن لنا أنْ نقيم الارتباط بين المعلومات من خلال التحليل الإحصائي لكمٍ هائلٍ من المعلومات (Big Data) التي يتمُّ الحصولُ عليها من شبكات التواصل الاجتماعي، تكمن المشكلة في مدى السماحية بتوفير هكذا معلومات والتي تقدمها شركات مثل فيسبوك أو تويتر.

إنَّ تحليل المعلومات الآلي اليوم يكشف الكثير من المعلومات والاستنتاجات التي تقوم بتغيير الرأي العام تجاه موضوعٍ معينٍ، وكذلك تغير الرغبات في التسوق، وتطور الطاقة البديلة، وتحسن الصحة واللياقة اليوميةَّ.

أغلب الشركات الكبرى تنفق في حدود 15 % من مجمل أرباحها السنوية للإنفاق على التحليل والتعلم الآلي وكذلك الذكاء الاصطناعي لدعم منتجاتها.

على المستخدم أنْ يكون حذراً في نشر المعلومات الخاصة به، وعلاوة على ذلك فإنَّ المعلومات يجب أنْ تكون كافية لوصف المستخدم، على أقل تقدير يجب أنْ تكون موحدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. الكثير من المستخدمين يقعون في فخ الإسهاب بالمعلومات المنشورة حول أنفسهم.

وتحت ظل التغيرات والمستجدات والأرشفة الالكترونية الهائلة التي نعيشها، يبذل المستخدم جهداً ليس باليسير في الاطلاع على معلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي تحفزه للمشاركة وإنتاج وربما إعادة إنتاج معلومات أخرى. في حين يبذل مستخدمون آخرون جهداً أكبر في تحليل سلوكيات المستخدمين وتوجيه رغباتهم في اتجاة أفكارٍ وسلوكياتٍ ومنتجاتٍ معينة تجعلهم عرضة للاستغلال المادي والمعنوي والنفسي.

* باحث متخصص في الأمن السيبراني