بغداد: شكران الفتلاوي
حدد خبراء في الشأن المالي، جملة حلول من شأنها خلق استقرار في سعر صرف الدولار، واضعين في مقدمة تلك الحلول إحكام السيطرة على المنافذ الحدودية لتطبيق مقترح البنك المركزي القاضي بمنع استيراد السلع غير الممولة من الاعتمادات المستندية والحوالات الرسمية الصادرة من قبله، لافتين إلى أن هذا القرار لو طُبِّقَ فإنه سيؤدي إلى حصول انخفاض كبير في سعر الصرف الموازي، مشددين في الوقت ذاته، على ضرورة نقل جميع التعاملات إلى الدينار العراقي، وزيادة استخدام نقاط البيع الإلكترونية.
وأوضح البنك المركزي، الأسبوع الماضي، أن "سوق الصرف التي يُتداوَل الدولار فيها هي سوق مضاربة بعملة مُحدَّدة السعر والأغراض، وهو تداول غير شرعي، ولا يمكن إضفاء الشرعية عليه، أو الإعلان عن أسعار صرف يختلقها مضاربون، وينبغي على السلطات المختصة إيقاف المنصات والمواقع التي تعلن عن أسعار الصرف لعملة محدّدة السعر" .
وبهدف معالجة الظواهر التي أدّت إلى تذبذب أسعار صرف الدولار، وللحدّ من ظاهرة السوق غير المشروعة، أكد المركزي العمل مع الحكومة والجهات ذات الصلة في اتخاذ عدد من الإجراءات، بضمنها استخدام التجار والمستوردين القناة المقرّرة لذلك، عبر المنصة الإلكترونية، تحقيقاً لأهداف هذا النظام ومنع استخدام الدولار النقدي في السوق لغير أغراضه، وذلك يتطلّب إلزام هذه الفئة بتقديم ما يثبت تحويل مبلغ استيراداتهم أُصولياً عند دخول بضائعهم إلى العراق لدى المنافذ الحدودية الرسمية، وكذلك تحفيز فئات التجّار ودعمها لدخول المنصة الإلكترونية من خلال تبسيط الإجراءات، ولا سيّما الضريبية منها، وتحديد سقوفها مسبقاً بحسب الفئات، وإيداعها في حساب الهيأة العامة للضرائب عبر حساباتها في المصارف.
واستمراراً لجهود المكرزي في كبح أسعار الصرف غير الرسمية، أكد نائب محافظ البنك المركزي، عمار حمد أن "المركزي يزود شركات الصرافة بحصص أسبوعية من الدولار لغرض بيعه للمسافرين بالسعر الرسمي وبكميات محدودة قدرها 3 آلاف دولار لكل مسافر"، مبيناً، أن" شركات الصرافة هذه مرخصة عن طريق البنك المركزي وفق ضوابط وهي ممتثلة لقانون مكافحة غسيل الأموال" .
الخبير المالي الدكتور نبيل المرسومي، أوضح لـ "الصباح" أن الدولار كأي سلعة يتأثر بالعرض والطلب، فكلما زادت ندرته ارتفعت قيمته وهذه حقيقة اقتصادية قائمة، وأضاف أن البنك المركزي العراقي محتكر لعرض الدولار بمعنى، عدم وجود منافذ أخرى لعرضه من قبل القطاع الخاص، وأن من حق البنك المركزي أن يتخذ قراراً بتحديد سعرٍ إداريٍ للصرف الرسمي.
ويرى المتحدث، أن "مسألة السعر الموازي لايمكن أن يتم التغاضي عنها، ولايمكن أن ننسب الأخير إلى المضاربين، كون الطلب على الدولار في السوق الموازية أغلبه طلب حقيقي، وهو يتعلق بمسألتين أساسيتن، الأولى تتمثل بأنه ليس كل المسافرين العراقييين باستطاعتهم الحصول على الدولار الرسمي وخاصة المسافر إلى الدول المعاقًبًة من قبل أميركا" .
وأضاف أن إنفاق المسافرين العراقيين لعام 2022 في إيران كان بحدود 3 مليارات و410 ملايين دولار، وهو الإنفاق الأكبر بين السياح، ويشكل مانسبته 55 بالمئة من إجمالي السياح الأجانب، وهم يستحصلون على هذه الأموال من السوق الموازية لأن البنك المركزي لايمول أو لايبيع منذ العام 2018 المسافرين لهذه الدول بالسعر الرسمي وبالتالي هذا طلب حقيقي وليس وهمياً يتعلق بالمضاربة.
وبين المرسومي، أن المسألة الثانية، تتعلق بكون الطلب على الدولار في السوق الموازية هو لأغراض تمويل التجارة مع إيران وهو الجزء الأكبر بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً تمثل استيرادات وبمقدار أقل مع سوريا.
وأكد المرسومي أن البنك المركزي قدم مقترحاً غاية في الأهمية إلى المنافذ الحدودية بمنع استيراد السلع غير الممولة من قبله، أي غير الممولة من الاعتمادات المستندية والحوالات المصرفية، لافتاً إلى أن هذا القرار لو طُبِّق فإنه سوف يخفِّض من السعر الموازي، كونه يغلق نافذة مهمة من الطلب على الدولار من السوق الموازية في تمويل التجارة وبالتالي سيقترب سعر الصرفين بشكل كبير.
من جانبه، أكد الخبير المالي حسن عبد لـ"الصباح" أن "تحقيق استقرار سعر الصرف وجعله بمستويات متقاربة بين الرسمي والموازي يتطلب نقل جميع التعاملات إلى الدينار العراقي، موضحاً بالقول "هنا سوف نجد أن الجميع ستتولد لديه القناعات بأهمية الدينار العراقي ولاحاجة للدولار" .
واستدرك أنه يجب أن يقترن ذلك بآليات عمل محكمة وأن يكون الدولار متوفراً في السوق دون عناء وهنا تبرز مهمة البنك المركزي العراقي والجهات المعنية التي يراد لها أن تبني أساليب عمل مقنعة وقانونية بعيداً عن الضغط" .