كيف انتهت خدمة {القمر الصناعي المستحيل}؟

علوم وتكنلوجيا 2023/08/08
...

 نيويورك: بي بي سي


تمَّ توجيه الأوامر النهائية إلى القمر الصناعي "أيولس" Aeolus التابع لوكالة الفضاء الأوروبية يوم الجمعة لإخراجه من الخدمة.

وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إنَّ القمر الصناعي "أيولس"، الذي صُمِّم لرفد البيانات إلى مراكز الطقس في جميع أنحاء أوروبا، عاد إلى داخل الغلاف الجوي للأرض فوق القارة القطبيَّة الجنوبيَّة وتم توجيه للسقوط في المحيط الأطلسي.


تتبع حركة الهواء

حظيت مهمة القمر الصناعي "أيولس" بالنجاح بسبب البيانات الجديدة التي قدمها القمر لخبراء الأرصاد الجوية. وكان يُنظر إلى القمر الصناعي "أيولس" على أنه ثورة في عالم الأرصاد الجوية.

كان الليزر فوق البنفسجي الخاص بقمر "أيولس" الصناعي، يتتبع حركة الهواء في جميع المواقع، وعلى كل الارتفاعات في جميع أنحاء العالم.

نجاح مهمة القمر "أيولس" يعني أنه يجري بالفعل التخطيط لعمليات استبداله بقمر جديد. لكن القمر الصناعي "أيولس" كان مشروعاً كاد ألا يرى النور بسبب صعوبة العمل على إنجاحه.

كافح المهندسون لأكثر من عقد من الزمن لتطوير قمر صناعي يعمل لفترة كافية في الفضاء. وأدى التأخير في إطلاق القمر الصناعي في ذلك الوقت إلى أنْ يطلق على "أيولس" لقب "القمر الصناعي المستحيل".

تمسك المهندسون، تحت قيادة وكالة الفضاء الأوروبية، بفكرة إطلاق قمر "أيولس" بسبب ما تقوم به الرياح على الأرض، من السطح وصولاً إلى الستراتوسفير. ومع ذلك، ففي الوقت الذي استغرقه وصول قمر "أيولس" إلى منصة الإطلاق في العام 2018 والطيران في مهمته التي دامت 5 سنوات تقريباً، تغيرت الممارسات لإلغاء دوران القمر الصناعي.

إنهم الآن بحاجة إلى تحديد مكان سقوط حطام القمر "أيولس" على الأرض في منطقة آمنة، والتأكد من احتراق الحطام بشكلٍ كاملٍ أثناء عبور القمر الصناعي للغلاف الجوي.


مساعدته في العودة

لم يستطع القمر "أيولس" تلبية هذه المعايير. لم يكن نظام الدفع الخاص به قويًا بما يكفي لتوجيه المكان الذي خرج منه من السماء بشكلٍ كامل، وكان من المتوقع أنْ يبقى ما يصل إلى 20 في المئة من أجهزته على سطح الأرض (عناصر محتملة من تلسكوب الغرافيت الخاص بالقمر الصناعي وخزانات الوقود الخاصة به).

أمضى مراقبو الطيران في وكالة الفضاء الأوروبية الأسبوع الماضي في بناء ما أطلقوا عليه "مساعدة القمر في العودة". قاموا بإصدار أوامر للقمر الصناعي "أيولس" بخفض ارتفاعه تدريجياً من خلال سلسلة من المناورات، آخرها كان يوم الجمعة حيث وصل إلى ارتفاع 120 كم.

كان من المتوقع أنْ يؤدي الاحتكاك بدخول الغلاف الجوي إلى سحب القمر الصناعي وتدميره خلال دورتين ونصف تقريباً من دورانه حول الأرض.

أكدت المستشعرات المتاحة لقيادة الفضاء الأميركية أنَّ اللحظات الأخيرة للقمر الصناعي "أيولس" كانت فوق القارة القطبية الجنوبية حوالي الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينتش.

أطلق القمر الصناعي "أيولس" ليزراً فوق بنفسجي عبر الغلاف الجوي وقاس إشارة العودة باستخدام تلسكوب كبير. تبعثر شعاع الضوء من جزيئات الهواء والجسيمات الصغيرة التي تتحرك في الرياح على ارتفاعات مختلفة. عدل خبراء الأرصاد الجوية نماذجهم العددية لتتناسب مع هذه المعلومات، ما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ بالطقس.

جاءت أكبر التغيرات في التنبؤات متوسطة المدى التي تنظر إلى الأحوال الجوية بعد أيام قليلة.


دوره أثناء كوفيد

كان للقمر "أيولس" دورٌ رئيسٌ خلال انتشار وباء كوفيد، حيث وفر بيانات عن الرياح في وقت لم تكن الطائرات تطير.

قدمت ملاحظات القمر الصناعي "أيولس" الأولى من نوعها معلومات مهمة للتنبؤات المتعلقة بالأرصاد الجوية متوسطة المدى. أي أنها تتبعت سلوكيات الرياح التي من شأنها أنْ تسهمَ في معرفة أنماط الطقس لعددٍ من الأيام القليلة. حسّن عمل القمر الصناعي "أيولس" من معرفة حركة الأعاصير وكيفيَّة انتقال الرماد البركاني في الغلاف الجوي العالي. قبل خدمات القمر الصناعي "أيولس"، كان يتمُّ الحصول على ملامح الرياح من خلال مجموعة من الأساليب مثل قراءة أجهزة قياس شدة الرياح والبالونات والطائرات، فضلاً عن الأقمار الصناعيَّة التي تستنتج سلوك الرياح من خلال تتبع السحب في السماء أو عن طريق استشعار تقلب مياه المحيطات. لكنَّ هذه الأساليب كلها كانت مؤشرات محدودة تخبرنا بما يحدث في أماكنَ معينة أو على ارتفاعات معينة، ولهذا السبب كان القمر الصناعي "أيولس" يحظى بتقديرٍ كبير.