علي رياح
هذه هي المرَّة الخامسة على التوالي التي أحضر فيها دورات الألعاب الآسيويَّة وأُسهم في تغطيتها الإعلاميَّة، لكنَّ منسوب الحسرة يرتفع هذه المرة مع هبوط المؤشر البياني لحضورنا العددي ومعه الإنجاز الحقيقي الفعلي الذي يكاد يكون معدوماً لدى كتابتي هذا المقال، ويبقى حصول لاعب التايكواندو سيف طاهر هو الاستثناء الذي يُشبه نقطة الضوء التي تحاول إضاءة المشهد الكالح برمته!
لن يغفل إرث الدورات الآسيوية حقيقة أنَّ العراق هو أول دولة عربية تحرز وساماً ذهبياً.. حدث هذا في النسخة التي أقيمت في طهران عام 1974 حين تخطّى عداؤنا الكبير طالب فيصل الحواجز واحداً تلو الآخر ببراعة ليقطع مسافة الأربعة متر نحو منصة التتويج.. الحقيقة التاريخية هذه تكشف لنا فداحة ما نعيشه اليوم بعد تسع وأربعين سنة على ذلك الإنجاز، فلقد كان حجم المشاركة في هانغجو دلالة على عجز الوضع الرياضي العراقي على نحو عام، عن تقديم المزيد من الأبطال في مقابل التطور المطرد الذي تحققه كثير من دول آسيا الكبرى وبينها دول عربية بإنجازات مرموقة بعضها يستحق الإشادة لأنه تحقق بعمل وكدّ وجهد أبناء البلد!
هنا أُجري مع نفسي جردة حساب لحصاد العراق في الدورات الأربع السابقة التي حضرتها وتابعت فعالياتها ميدانياً.. في أسياد الدوحة 2006 جاء العراق في الترتيب التاسع والعشرين بميداليتين فضيتين وواحدة برونزية.. وفي دورة غوانجو 2010 تراجع العراق إلى الترتيب الثاني والثلاثين وفي حوزته فضية واحدة وبرونزيتان.. وفي الدورة اللاحقة في إينشون الكورية 2014 كان العراق في الموقع الخامس والعشرين وله ميدالية ذهبية واحدة وثلاث برونزيات، وفي أسياد جاكارتا 2018 أنهى العراق مشاركته في المركز السابع والعشرين برصيد ميدالية ذهبية واحدة وفضيتين!
في كل مرة من المرات الخمس كان العراق يتأخر إلى المواقع البعيدة تماماً حتى عن أجواء الإنجازات التي حققتها بعض الدول العربية التي عرفت شكل الرياضة بعدنا بأزمنة طويلة.. ثمة أسباب لم تعد خافية وراء تقدمهم ووراء تأخرنا وحصيلتنا الفقيرة في كل مرة.. سأتغاضى عن التجنيس وسأتحدث- مثلاً- عن دولة شقيقة مثل الأردن ليس لديها سوى رياضييها، ومع هذا فاقت إنجازاتها الإطار الآسيوي ووصلت إلى الميدالية الذهبية حتى في الدورات الأولمبية وهي أهم وأشمل وأصعب من الدورات الآسيوية.. كانت ستراتيجية الأردن وما زالت تستند إلى ألعاب محددة جداً مثل المبارزة والتايكواندو والفنون القتالية الأخرى وقد ثبتَ أنَّ هذه الستراتيجية تنتج أبطالاً وتحصد نجاحاً برغم قصور الإمكانيات المادية مقارنة بما هو عليه الوضع العام في العراق الذي تتناهبه ظاهرة توسع الأندية كل يوم حتى بلغ عددها المئات ولكن من دون طائل، فيما تحوّل كثير من الاتحادات الرياضية إلى واجهة ووجاهة لأصحابها ينعمون بفضلها بالسفر المكرور دونما مردود حقيقي، بينما ما زال نفوذ التدخلات والتأثيرات في قمة الهرم الرياضي وأعني به اللجنة الأولمبية يتعاظم ليكون نتاج عملها غياب الرؤية، فتنال رياضتنا المزيد من الضياع!
في ظل وضعنا الرياضي الحالي، لن يكون في وسعنا بلوغ إنجازات في الرياضة.. الأصح أننا في متوالية تجسد التحول من السيئ إلى الأسوأ، والمحصلة أننا مقبلون- بثبات- نحو مستقبل رياضي معتم!!