جاستن وورلاند
ترجمة: أنيس الصفار
في الأسبوع الماضي اجتمع في واشنطن خليطٌ من المؤسسين والمدراء التنفيذيين والممولين والمسؤولين الحكوميين للتباحث في كيفيَّة بناء المزيد من مشاريع الطاقة النظيفة بشكلٍ أسرع. من بين الموضوعات الساخنة التي تداولوا فيها: كيفيَّة بناء قوة العمل المطلوبة والحصول على الحوافز الضريبيَّة الفيدراليَّة وإقناع الأوساط المعنيَّة بأهمية مشاريع الطاقة المتجددة.
استضافت وزارة الطاقة الأميركيَّة هذا المؤتمر الذي أطلقت عليه تسمية «نشر 23»، وقد أتاحت المناقشات التي دارت نظرة عميقة طيبة في صميم تحديات الطاقة والمناخ التي يواجهها العالم اليوم. كان الشوط الذي قطعناه في فهم العلوم والتكنولوجيا المطلوبة للتخلص من الكاربون طويلاً، ورغم أنَّ هناك دائماً فسحة لمزيد من الابتكار فإنَّ كثيراً من النجاح في معركة المناخ اليوم يعتمدُ على بناء مشاريع تعتمد على التكنولوجيا المتوفرة حالياً. من أجل تحقيق هذا يتطلب الأمر منَّا صياغة نماذج العمل على النحو الصحيح وكسب دعم المستفيدين وأصحاب المصلحة.
يعتقد بيل غيس أنَّ كثيراً من المهتمين في مجال المناخ لا يزالون يرغبون في شدّ اهتمام الرأي العام الى المبتكرات المستقبليَّة في مجال التكنولوجيا النظيفة، مثل الاندماج النووي، في حين أنَّ المهمة الملحة والعاجلة التي نحتاجها لوضع العالم على المسار الصحيح صوب أهدافنا المناخيَّة، أو على الأقل تجنب تخطيها بسرعة أكبر من اللازم، قد يكون التغلب على التحدي المعقد المتمثل بتوسيع التكنولوجيا الموجودة حالياً. لأجل تحقيق هذا الهدف في مجال المناخ كثيراً ما يخلص الأمر الى عبارة موجزة هي: النزول الى الميدان.
صافي انبعاثات مقداره صفر
ربما ليست هناك من وسيلة لبيان مدى أهميَّة النزول الى الميدان أفضل من تحليل قدمته «وكالة الطاقة الدوليَّة» يوم الثلاثاء الماضي. يخلص هذا التقرير، وهو تحديث لتقريرٍ بارزٍ صدر في العام 2021 رسم خط المسار عالمياً لتحقيق صافي انبعاثات مقداره صفر بحلول العام 2050، الى اننا لا نزال قادرين على بلوغ هذا الهدف بدرجة كبيرة نظراً للنجاح الباهر الذي حققه العالم في إنزال أساليب الطاقة المتجددة الى حيز التنفيذ خلال السنوات القليلة الماضية. بيد أن َّالوتيرة لا تزال بحاجة الى تسارعٍ أعلى. ومن أجل التقدم في هذا المضمار، كما يشير التقرير، فإنَّ أنجع الإجراءات التي تستطيع الشركات فعلها وأمضاها تأثيراً هي رفع سعة الطاقة المتجددة الى ثلاثة أضعاف مع نهاية العقد الحالي.
في هذا التقرير أيضاً ردٌّ ضمنيٌّ على الأصوات الملعلعة التي تصرُّ على أنَّ التكنولوجيا لم تبلغ من النضج بعد ما يكفي لمواجهة حجم التحدي. ذلك أنَّ التكنولوجيا المتاحة في السوق حالياً كانت كافية لخفض الانبعاثات عالمياً بنسبة 66 بالمئة، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، وهذه قفزة ملحوظة عما كانت عليه الأحوال قبل سنتين حين كانت النسبة 50 بالمئة فقط.
تسريع نشر التكنولوجيا النظيفة
بيد أنَّ وكالة الطاقة الدوليَّة تشير أيضاً الى عددٍ من العوائق التي تعترض سبيل نشر هذه التكنولوجيا فعلياً، ومن بينها على سبيل المثال التراخي إزاء التحديات وسلاسل التجهيز المركزة. وقد توصلنا من خلال محادثاتنا الشخصيَّة في الولايات المتحدة وأنحاءٍ أخرى من العالم أننا غالباً ما نجد الجهات المنفذة في مجال التكنولوجيا النظيفة مهتمة بالضرب عبر غابات متشابكة من التنظيمات والعلاقات المجتمعيَّة أكثر من اهتمامها بمحاولة الوصول الى رؤوس الأموال أو تطوير التكنولوجيا الخاصة بها. لتجاوز هذه التحديات يناشد تقرير وكالة الطاقة الدوليَّة صناع السياسة الى العمل مع المجتمع المدني والشركات من أجل التعجيل بالمشاريع ذات الأهمية.
كان هذا هو نوع الحوارات التي شهدها مؤتمر «نشر 23» حين أخذ مسؤولو وكالة الطاقة الدوليَّة الشركات في جولة بينوا لهم من خلالها كيف يكون تقديم الطلبات للحصول على تمويلٍ فيدرالي، في حين راح المسؤولون التنفيذيون يتبادلون الأفكار بشأن أفضل الأساليب لتحقيق المشاركة المجتمعيَّة في العمليَّة، كما تحدث رؤساء الاتحادات بشأن كيفيَّة بناء قوة عمل تتمتع بمؤهلات عالية. استهل «جيغار شاه»، الذي استضاف المؤتمر ومدير مكتب برامج القروض في وكالة الطاقة الدوليَّة، الجلسة متحدثاً الى الحاضرين بقوله: «الهدف هو تسريع نشر التكنولوجيا النظيفة الحساسة على نطاق تجاري. والسبيل لتحقيق هذا في أميركا هو الصناعة، وقد حقق المستثمرون قفزات مذهلة حين راهنوا على المستقبل».
عن مجلة تايم