العثور على الحياة خارج كوكبنا {مسألة وقت}

علوم وتكنلوجيا 2023/10/05
...

 كاليفورنيا: بي بي سي


توقف العديد من علماء الفضاء عن التساؤل عمَّا إذا كانت هناك حياة في مكانٍ آخر في الكون. وبات السؤال الذي يطرحونه هو: متى سنجدها؟

ويذهب أحد العلماء، الذي يقود مهمة إلى كوكب المشتري، إلى حد القول إنَّه سيكون من "المفاجئ" عدم وجود حياة على أحد الأقمار الجليديَّة للمشتري.

واكتشف تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي التابع لناسا مؤخراً، إشارات محيرة لإمكانيَّة وجود حياة على كوكب خارج نظامنا الشمسي.

وتمثل العديد من الرحلات الجارية حالياً أو تلك التي ستبدأ قريباً، سباقاً فضائياً جديداً لأكبر اكتشافٍ علمي على الإطلاق.

وتقول البروفيسورة كاثرين هيمانز، عالمة الفضاء الاسكتلنديَّة: "نحن نعيش في كونٍ لا نهاية له، مع عددٍ لا نهائي من النجوم والكواكب. ومن الواضح لكثيرين منا أننا لا نستطيع أنْ نكون الحياة الذكيَّة الوحيدة الموجودة". وتضيف: "لدينا الآن التكنولوجيا والقدرة على الإجابة على سؤال ما إذا كنا وحدنا في الكون".


الكواكب في "المنطقة المعتدلة"

تستطيع التلسكوبات الآن تحليل الغلاف الجوي للكواكب التي تدور حول نجومٍ بعيدة، بحثاً عن المواد الكيميائيَّة التي، على كوكب الأرض على الأقل، ولا يمكن إنتاجها إلا عن طريق الكائنات الحيَّة.

وتمَّ العثور على أول وميضٍ لمثل هذا الاكتشاف في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر. وتمَّ اكتشاف علامة محتملة لغاز تنتجه كائنات بحريَّة على كوكب الأرض في الغلاف الجوي لكوكب اسمه K2-18b، هو أكبر بثماني مرات من الأرض، ويبعد عنا 120 سنة ضوئيَّة.

ويقع الكوكب في ما يسميه علماء الفضاء "المنطقة المعتدلة"، وهي المسافة المناسبة بعيداً عن نجمه بحيث لا تكون درجة حرارة سطحه ساخنة جداً ولا باردة جداً، ولكنها مناسبة تماماً لوجود الماء السائل، وهو أمر ضروري للحياة. ويتوقع الفريق أنْ يعرف في غضون عامٍ من الآن، ما إذا كانت هذه الإشارات المحيرة التي رآها، قد تم تأكيد وجودها أم أنها اختفت.

وقال البروفيسور نيكو مادهوسودان، من معهد علم الفضاء بجامعة كامبريدج، إنه إذا تم تأكيد هذه الإشارات "فإنَّ ذلك سيغير بشكلٍ جذري الطريقة التي نفكر بها في البحث عن الحياة".

وتابع: "إذا وجدنا علامات الحياة على الكوكب الأول الذي نقوم بدراسته، فإنَّ ذلك سيزيد من احتمال أنْ تكون الحياة شائعة في الكون".

وفي حال لم يعثر فريقه على علامات الحياة على K2-18b، فلديهم قائمة بـ 10 كواكب أخرى لدراستها، وربما بعد ذلك أكثر بكثير. ويقول إنَّ عدم العثور على أي شيء من شأنه أيضاً أن "يوفر رؤىً مهمَّة حول إمكانيَّة وجود حياة على مثل هذه الكواكب".


البحث بالقرب من الأرض

بينما يتطلع البعض إلى الكواكب البعيدة، يركز البعض الآخر بحثهم على ساحة كوكبنا الخلفيَّة، أي على كواكب نظامنا الشمسي. الموطن الأرجح للحياة هو أحد أقمار كوكب المشتري الجليديَّة، أوروبا. إنه عالمٌ جميلٌ على سطحه شقوقٌ تشبه خطوط النمر. يمتلك أوروبا محيطاً تحت سطحه الجليدي، تنطلق منه أعمدة من بخار الماء إلى الفضاء.

ستصل بعثة "كليبر" التابعة لناسا وبعثة "مستكشف أقمار المشتري الجليديَّة" (جوس) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبيَّة إلى هناك في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.

وبعد وقتٍ قصيرٍ من الموافقة على مهمة "جوس" في العام 2012، قالت البروفيسورة ميشيل دوويرتي، وهي العالمة الرائدة في البعثة الأوروبيَّة: "سيكون من المفاجئ عدم وجود حياة على أحد أقمار المشتري الجليديَّة".

وترسل ناسا أيضاً مركبة فضائيَّة تسمى "دراغونفلاي" للهبوط على أحد أقمار زحل، تايتان. إنه عالمٌ غريبٌ به بحيرات وسحب مكونة من مواد كيميائيَّة غنيَّة بالكربون والتي تعطي الكوكب ضباباً برتقالياً غريباً. ويعتقد أن هذه المواد الكيميائيَّة، إلى جانب الماء، عنصر ضروري للحياة. ويعدُّ المريخ حالياً غير مضيافٍ جداً للكائنات الحيَّة، لكنَّ علماء الأحياء الفلكيَّة يعتقدون أنَّ الكوكب كان خصباً ذات يوم، بغلاف جوي سميك ومحيطات وكان قادراً على استضافة الحياة.

وتقوم المركبة الجوالة "بيرسيفيرانس" التابعة لناسا حالياً، بجمع عينات من حفرة كان يعتقد أنها كانت دلتا لنهر قديم. وستقوم مهمة منفصلة في ثلاثينيات القرن الحالي بإحضار تلك الصخور إلى الأرض لتحليلها بحثاً عن حفريات دقيقة محتملة لأشكال الحياة البسيطة التي اختفت منذ فترة طويلة.


محاولة اتصال من الفضائيين؟

يعدُّ بعض العلماء أنَّ هذا السؤال نابع من عالم الخيال العلمي وأنه بعيد عن الواقع، لكنَّ البحث عن إشارات الراديو من عوالم غريبة استمر لعقود من الزمن، ليس أقلها من قبل معهد البحث عن الذكاء خارج الأرض

(سيتي).

تعدُّ مساحة الفضاء الشاسعة مكاناً كبيراً للبحث، لذلك كانت عمليات البحث عشوائيَّة حتى الآن. لكنَّ قدرة التلسكوبات، مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي، على تحديد الأماكن الأكثر احتمالاً لتواجد الحضارات الفضائيَّة، تعني أن "سيتي" أصبح بإمكانه الآن تركيز بحثه.

وقد ضخ ذلك زخماً جديداً في "سيتي" لدراسة الحياة في الكون، وفقاً للدكتورة ناتالي كابرول، مديرة مركز كارل ساغان. وقام المعهد بتحديث مجموعة التلسكوبات الخاصة به ويستخدم الآن أدوات للبحث عن الاتصالات من نبضات ليزر قويَّة من الكواكب البعيدة.

وبصفتها عالمة أحياء فلكيَّة مؤهلة تأهيلاً عالياً، تفهم الدكتور كابرول سبب تشكيك بعض العلماء في بحث "سيتي" عن إشارات. لكنها تقول إنَّ التوقيعات الكيميائيَّة من الأجواء البعيدة، والقراءات المثيرة للاهتمام من التحليق بالقرب من القمر، وحتى الأحافير الدقيقة من المريخ، كلها مفتوحة للتفسير. وتضيف إن البحث عن إشارة "قد يبدو أبعد هدف ممكن تحقيقه مقارنةً مع كل الطرق المختلفة للعثور على علامات الحياة. لكنه سيكون أيضاً الأكثر وضوحاً ويمكن أن يتحقق في أي وقت". وتقول الدكتورة كابرول: "تخيل أن نحصل على إشارة يمكننا فهمها بالفعل".