{اليونيسيف}: غزة تحولت إلى مقبرة أطفال

قضايا عربية ودولية 2023/11/05
...

 القدس المحتلة: وكالات

دخل العدوان الإجرامي الصهيوني على قطاع غزة أمس السبت، يومه الـ29، وارتكبت الطائرات والمدفعية الصهيونية ليل الجمعة مجزرة جديدة كان أغلب ضحاياها من الأطفال تضاف لمجازره السابقة، حيث أقدم على قصف 3 مستشفيات ومدرسة تأوي نازحين، ما دعا صحيفة "واشنطن بوست" إلى وصف غزة بأنها تحولت إلى أكبر مقبرة أطفال في العالم.
الناطق باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، أكد، أن الجيش الصهيوني لن يوقف إطلاق النار، زاعماً أنه سيواصل القتال حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وفي تصريح غير مستغرب، قالت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط،: إن "إسرائيل لا تذبح المدنيين في قطاع غزة"، مؤكدة أن بلادها تدعم إسرائيل بقوة، لكن لديها "مخاوف" بشأن المدنيين في غزة.
وفي تعليقها على المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، أكدت سترول - في لقاء لها مع برنامج "من واشنطن" على قناة الجزيرة القطرية - أن إسرائيل "لا تذبح المدنيين في غزة، بل تقوم باتخاذ إجراءات لضمان أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تعود قادرة على تهديد الإسرائيليين".
وزعمت أن لدى الولايات المتحدة الأميركية، "مخاوف بشأن المدنيين في غزة، وستعطي الأولوية لحمايتهم"، مشيرة إلى أن بلادها تتوقع من "إسرائيل" الالتزام بقانون النزاع المسلح والقانون الإنساني الدولي واتخاذ كل الخطوات اللازمة لتقليل الضرر في صفوف المدنيين، على حد قولها.
ورأت أن على حركة "حماس" أن "تضع أسلحتها وتتوقف عن استخدام غزة وشبكة الأنفاق فيها لتهديد إسرائيل، حتى يتمكن المدنيون في غزة من الحصول على فرصة لعيش حياة آمنة وكريمة ومزدهرة اقتصادياً.. وهذه هي مصلحة الولايات المتحدة"، بحسب مزاعم المسؤولة الأميركية.

وشددت على مسألة دعم واشنطن لما وصفته بحق "إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، دبلوماسياً وسياسياً وأمنياً، ورغبتها في عدم توسيع نطاق الحرب - حتى لا تتحول إلى حرب إقليمية - وعدم مشاركة حزب الله اللبناني في الحرب، وألا تُستهدف القوات الأميركية في العراق وسوريا، وألا يشارك الحوثيون في اليمن في حرب إقليمية.
وبرجوعها إلى ما حدث في السابع من تشرين الأول الماضي، رددت نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي موقف بلادها، واتهمت حركة "حماس" بارتكاب "هجوم وحشي وإرهابي"، قالت إنه "تسبب في موت أكثر من 1400 مواطن (إسرائيلي) من ضمنهم أطفال ونساء ذبحوا أو حرقوا أحياء أو اغتصبوا أو أطلق عليهم النار"، بحسب مزاعمها.
هذا واجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس السبت في عمّان، بنظرائه الأردني والسعودي والقطري والإماراتي والمصري، بمشاركة مسؤولين فلسطينيين.
وكان بلينكن وصل مساء أمس الأول الجمعة إلى عمّان، بعد زيارة تل أبيب، في إطار جولته الثانية في المنطقة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
إلى ذلك، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الضربة "الإسرائيلية" على مخيم جباليا تمت بقنبلتين يفوق وزن الواحدة منهما 900 كغ، وسط مطالبات إدارة بايدن بتفسير من إسرائيل لضربتها الأخيرة التي أودت بمئات الضحايا.
ويظهر تحليل أجرته الصحيفة لصور الأقمار الصناعية والصور ومقاطع الفيديو، أن الكيان الصهيوني استخدم قنابل تزن 2000 رطل (900 كغ) في الهجوم على مخيم جباليا وهي منطقة مكتظة بالسكان شمال مدينة غزة.
حيث يبلغ عرض الحفرتين اللتين سببهما الانفجار "حوالي 40 قدماً"، وهي أبعاد "تتوافق مع الانفجارات التي قد ينتجها هذا النوع من الأسلحة في التربة الرملية الخفيفة"، وفقاً لدراسة فنية أجرتها شركة أبحاث الذخائر "أرمامينت" عام 2016.
وقال مارك غارلاسكو، وهو محلل عسكري، ويعمل مستشاراً عسكرياً لمنظمة PAX  الهولندية،: إن القنابل ربما كانت تحتوي على "صمام تأخير"، والذي يؤخر التفجير حتى أجزاء من الثانية بعد اختراق السطح أو المبنى بحيث تصل القوة التدميرية للانفجار إلى عمق أكبر.
وعادة ما يتم تجهيز القنابل بمجموعات توجيه تسمى ذخائر الهجوم المباشر المشترك، مما يحولها إلى أسلحة دقيقة موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وفق الصحيفة، ورفض جيش الاحتلال التعليق لصحيفة "نيويورك تايمز" على عدد ونوع الأسلحة التي استخدمها في ضربة جباليا.
والقنبلة الأكبر الوحيدة في ترسانة إسرائيل تزن ما بين 4500 إلى 5000 رطل، وفقاً لجيريمي بيني، محرر شؤون الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة الاستخبارات الدفاعية "جينز".
ونقلت صحيفة "بوليتيكو"، عن مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته، أن إدارة الرئيس جو بايدن، "حثت (إسرائيل) على تنفيذ ضربات دقيقة، لتجنب إيذاء المدنيين" وطلبت الولايات المتحدة توضيحاً بشأن (الهجوم) على جباليا.
ميدانياً، واصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم الـ 29 على التوالي استهداف المدنيين ومرافق القطاع الصحي، إذ قصف طيران الاحتلال أمس السبت مدخل مستشفى "النصر للأطفال" غرب غزة وخزان ماء عمومياً يغذي عدة أحياء شرق رفح جنوبي القطاع، وذلك بعد أن استهدف أمس الأول الجمعة سيارات إسعاف ومراكز إيواء.
كما استهدف جيش الاحتلال مصادر الطاقة المتبقية لسكان القطاع المحاصر، إذ قصف مولد الكهرباء الرئيسي في مستشفى "الوفاء" بغزة وأخرجه عن الخدمة، بالإضافة إلى استهداف ألواح الطاقة الشمسية في المنازل.
كما استهدفت الغارات الصهيونية صباح أمس منزلين في مخيم النصيرات ورفح، أسفرت عن استشهاد 7 فلسطينيين، كما استشهد 3 فلسطينيين وأصيب آخرون باستهداف منزل في خان يونس جنوبي القطاع، ووقعت غارة على منطقة تل الزعتر شمالي القطاع.
ومساء أمس الأول الجمعة، قالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال الصهيوني تعمد استهداف سيارات الإسعاف أمام مستشفى "الشفاء"، مما أسفر عن استشهاد 15 فلسطينياً وإصابة 60 آخرين، وتزامن القصف مع قصف آخر لسيارات إسعاف كانت متوجهة إلى معبر رفح لنقل جرحى. وقد أقر الناطق باسم جيش الاحتلال بقصف سيارة إسعاف، زاعماً أنه رصد استخدامها من طرف مجموعة تابعة لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في منطقة القتال.
وارتفع عدد سيارات إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني الخارجة عن الخدمة منذ بدء العدوان إلى 8، بالإضافة إلى استشهاد 4 مسعفين، وإصابة حوالي 21 مسعفاً ومتطوعاً نتيجة الاستهداف الصهيوني الأخير للقافلة.
من جانبه، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس السبت عن شعوره بـ "الرعب" جرّاء الضربة التي شنّها الجيش الصهيوني على قافلة سيّارات الإسعاف في غزة وأمام مستشفى "الشفاء".
وشدد غوتيريش على أن استهداف المدنيين المستمر منذ حوالي شهر في غزة يجب أن يتوقف، لا سيما أنهم محاصرون ومحرومون من المساعدات، محذراً من عدم وجود الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، وأضاف، أن ملاجئ الأمم المتحدة في غزة تعمل بنحو 4 أضعاف طاقتها الاستيعابية، وتتعرض للقصف.
وتزامنا مع الاستهداف الصهيوني لسيارات الإسعاف، قصف الاحتلال مساء الجمعة مدرسة "أسامة بن زيد" بمنطقة الصفطاوي التي تؤوي عشرات النازحين شمال القطاع مباشرة بقذائف الدبابات، مما أسفر عن استشهاد 20 فلسطينياً.
كما قصفت قوات الاحتلال مربعاً سكنياً في مخيم النصيرات الذي شهد أكثر من مجزرة إسرائيلية منذ بداية العدوان، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.
وذكر المكتب الحكومي في غزة، أن الاحتلال ارتكب 965 مجزرة، وبلغت حصيلة العدوان 9227 شهيداً، بينهم 3826 طفلاً و2405 امرأة وقرابة 23 ألف جريح، مع وجود 2060 بلاغاً عن مفقودين.
بدورها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها، أن غزة تحولّت إلى أكبر مقبرة أطفال في العالم خلال فترة وجيزة، وقالت إن يوسف شرف (38 عاماً) كان يوزع الطعام على النازحين من غزة يوم 25 تشرين الأول عندما تلقى مكالمة هاتفية بشأن غارة إسرائيلية على البرج الذي تسكنه عائلته.
ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم، وهو يحاول انتشال جثث أطفاله الأربعة المدفونين تحت منزله المدمر في مدينة غزة، حيث قتل والداه وزوجته، وكذلك إخوته الثلاثة وشقيقتاه وأعمامه وأزواجهم والعديد من أطفالهم في الهجوم نفسه.
وقال شرف - الذي فقد بناته الثلاث تحت الأنقاض، ملك (11 عاماً) وياسمين (6 أعوام) ونور (3 أعوام) وابنه الوحيد مالك (10 أعوام) - للصحيفة عبر الهاتف : إن نحو 30 من أقاربه كانوا يقيمون معهم على أمل العثور على الأمان، و"جميع العائلات كانت من المدنيين وهي تبحث عن حياة بسيطة. كنا نظن أننا نعيش في مكان آمن".
وأضاف الرجل المكلوم بعد أن تساءل "هل يمكنك أن تتخيل ألمي؟" أن شقيقه الذي ولد له للتو طفل بعد 16 عاماً من الانتظار، قتل مع زوجته وطفله، كما قتل 13 من أبناء وبنات إخوته، ومن بينهم لانا (16 عاماً) وهالة (11 عاماً) وجانا (9 أعوام) وجوري (6 أعوام) وتولين (4 أعوام) وكريم (عامان) وعبيدة الذي لم يزد عمره على عام واحد.
وأشارت الصحيفة، إلى أن العائلات لا تشعر بالحزن على خسائرها فحسب، بل على ما يبدو أنه فقدان جيل كامل، حيث استشهد أكثر من 3700 طفل في غزة منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وحسب جيسون لي، مدير منظمة إنقاذ الطفولة في الأراضي الفلسطينية، يشكّل الأطفال 2 من كل 5 شهداء بين المدنيين في غزة، ولا يشمل ذلك نحو ألف طفل لا يزالون عالقين تحت الأنقاض، بحسب تقديرات المنظمة، يقول جيسون لي: "نحن الآن في وضع يقتل فيه طفل كل 10 دقائق".
وقالت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة في بيان دعا إلى وقف إطلاق النار إنه "لا يوجد منتصر في حرب قتل فيها آلاف الأطفال"، وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم "اليونيسف"، في مؤتمر صحفي :"لقد أصبحت غزة مقبرة للأطفال. والجميع هناك يعيش في جحيم".