أنا أقرأ

العراق 2023/11/13
...

أحمد عبد الحسين

أول أمسِ السبت أقيم مهرجان عراقيّ للكتاب والقراءة هو الأكبر في المنطقة العربية، وزّع فيه مبادرون متطوعون أكثر من أربعين ألف كتاب مجاناً بين الحضور الذين امتلأت بهم حدائق أبي نواس قرب نصب شهرزاد وشهريار.
المبادرون كلّهم شباب، وهم يعملون تطوّعاً من دون أنْ تحتضنهم مؤسسة في بلدنا المليء بمؤسسات ثقافية كبيرة الاسم والرسم لكنها قليلة الثمر شحيحة العطاء تعاني بخلاً هو امتداد للبخل الوجودي في نفوس القائمين عليها.
المهرجان اسمه "أنا عراقيّ أنا أقرأ" وقد أصبح أيقونة المبادرات الشبابية الثقافية نظراً لاستمراره منذ 2012 وحتى اليوم بذات الوتيرة من الحماس والاندفاع ونكران الذات وطلاقة الروح والجود بالوقت والجهد والمال من دون انتظار مقابل.
أتشرّف بكوني أحد هؤلاء المبادرين منذ التأسيس، ومع أنّ طبيعة عملي أبعدتني خلال السنتين الماضيتين عن مشاركتهم التحضير لهذا الكرنفال الكبير، لكنّي أعرف أنّ جهداً أسطورياً يبذلونه في جمع الكتب من المتبرعين وفي نقلها ثم فرزها حسب فئات المعارف والآداب ثمّ تهيئة مكان المهرجان وعرض الكتب وإقامة الفعاليات الأخرى المصاحبة للفعالية
الأمّ.
أمس أكمل الشباب موسمهم العاشر، "وكانت فيه أيضاً فعاليات للتضامن مع فلسطين". وفي كلّ موسم تحاول حركات وأحزاب وشخصيات سياسية شتى أن تستميلهم لغرض استثمار الفعالية من أجل مكسب انتخابيّ أو الترويج لفلان وعلّان، لكنّ العهد الذي أخذه الشباب على أنفسهم منذ سنوات عشر لم يزل حياً صلباً وأنا موقن بأنه سيبقى كذلك.
الدرس الذي يقدّمه لنا هؤلاء الشبّان والشابات درس عظيم. أن التقدّم إلى الناس بنوايا سليمة مع الاستعداد لبذل الوقت والجهد سيثمر نجاحاً لا محالة. وأنّ الجود مركوز في نفوس بعض الناس وشماً على الروح وهو لا يتعلق بالمال وحسب، لأن أغلب الأغنياء وميسوري الحال لديهم ذلك البخل الذميم الذي لا فكاك منه، بخل من يخاف أن ينقطع عنه مدد الوجود إذا هو أعطى شيئاً ممّا عنده.
لكنّي أعرف ـ لأنّ هؤلاء الشباب علّموني ـ أن الوجود
جود!