المقاطعة لن تنفع

آراء 2023/12/06
...

 سعد العبيدي 


كلما تمَّ الاقتراب من موعد الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات في النصف الثاني من هذا الشهر تتضاعف الأصوات التي تنادي بمقاطعتها، والوقوف بالضد من تنفيذها من جهات منظمة سياسياً ومليشياتياً، ومن مواطنين محبطين بسبب كثر الإخفاقات التي تسبب أو تسببت بها جهات سياسية، اعتادت الفوز في الانتخابات السابقة بشتى الوسائل المتاحة والأدوات، وتتعالى في الوقت ذاته، أصوات وإجراءات تنحو منحى التشبّث بتنفيذ فعل الانتخاب، مهما كلف الأمر، بل وتدعو إلى الالتزام بالنتائج كذلك مهما كلف الأمر، وهذا تناقض، أو تصارع بين اتجاهين سياسيين متناقضين إذا ما زادت شدته انفعاليّاً، وهو الأمر المحتمل، ستؤدي إلى تصادم قد يكون مسلحاً بينهما، اتجاهان يحتميان كلاهما بترسانة أسلحة مغلفة بأفكار وقناعات خاصة، لا تسيطر عليها الدولة، ولا تقترب منها الأجهزة الأمنية التي يمتد بعض منتسبيها إلى صفوف تلكم الاتجاهين تنظيميّاً أو عاطفيّاً، وفي حالة الحدوث سيتسببان معاً في إعادة العراق إلى مربع الفوضى والاقتتال... واقع أن حصل بالفعل لا يمكنه حل مشكلات العراق السياسية والاجتماعية الهشّة، ولا يمكنه إرساء قواعد ديمقراطية، لم تبلغ مستوياتها طوال العشرين عاماً الماضية ما يكفي من النضج، لاستمرارها سبيلاً ملائماً لحكم العراق، ومجالاً وحيداً لحل مشكلاته المعقدة، وإعادة بنائه بناءً صحيحاً.

هذا من جانب ومن جانب آخر، وإن نفذ دعاة المقاطعة أهدافهم في المقاطعة حتى من دون التصادم المسلح، وهو أمر محتمل أيضاً، فإنّها أي المقاطعة سوف لن تجدي نفعاً في عملية البناء والحكم، لأنّها ستقدم إلى السلطة والنفوذ لوناً سياسياً واحداً في مجتمع عراقي متعدد الألوان، وستهيئ الفرص مناسبة لهذا اللون أن يخطأ، ويتمادى في الخطأ والتغيير والاستحواذ بغياب الرقيب والرأي المقابل، على هذا ستكون المشاركة في الانتخابات القريبة هو الحل الوحيد، والمناسب للتمثيل في الحكم بضوء النتائج، والثقل السياسي في المجتمع، وهو الضامن الوحيد إلى فرض سلطة الدولة، وتحقيق العدالة التي يحتاجها أهل العراق.