عباس الصباغ
في الأدبيات الاقتصادية: تنتمي السياحة الدينية إلى قطاع السياحة عموما، وهو القطاع الذي من المفترض أن ينضمّ إلى مجمل القطاعات الاقتصادية الساندة للموازنات المالية العامة وللدخل القومي العراقي
والتي شملها الإهمال المتعمد أيضا، رغم اهميتها القصوى في ترجيح كفة التنوّع المطلوب للقطاعات الاقتصادية غير النفطية، كالزراعة والصناعة والسياحة (ومنها الدينية)، لتجاوز ريعية احتكار القطاع النفطي، الذي يعتمد عليه الاقتصاد العراقي بشكل أاس منذ عشرات السنين.
بالرغم من أن الملايين من السياح والزائرين من جميع الديانات والمذاهب والبلدان يشدّون رحالهم صوب العراق، لوجود عشرات المواقع الأثرية والمقامات الدينية والروحية ولجميع الأديان والمذاهب، إلا أن واقع السياحة الدينية بقيَّ قطاعا مهملا ومتخلفا، ولم يحظ باهتمامٍ كافٍ يليق بتلك الكثرة والتنوع والاهتمام العالمي، باستثناء بعض الجهود الفردية والشخصية، اذ بقيَّ يشكو الإهمال الحكومي والرسمي، ولم تفكر اية جهة من الحكومات المتعاقبة بتفعيل قطاع السياحة الدينية، ليكون رافدا ماليا أو على الأقل لينقل صورة ناصعة للواقع العراقي، مع خلوّ جميع البرامج الحكومية من أي ستراتيجية تنهض بهذا القطاع أو تسهم في تنشيطه، وبقيَّ دون وضع ستراتيجية فعّالة، لتطوير التنمية السياحية الدينية، خاصة فلم يشكّل هذا القطاع مورداً مهماً في موازنات السنوات الماضية واللاحقة، على الرغم من امتلاك البلاد مقوماتٍ سياحية عدة،، اي تكون ـ في الأقل ـ على غرار السياحة الدينية في المملكة العربية السعوديَّة والاهتمام العالي بالحرمين الشريفين أو ما شابه ذلك كمصر أو في بقاع الأرض ممّن تمتلك مقومات السياحة الدينية، لكن هذا القطاع بقيَّ دون المستوى بسبب عدم تطوير البنى التحتية وضعف التنمية السياحية في خطط التنمية مع تواضع خطط الترويج والتخطيط السياحي، وقصور الاعتمادات الحكومية للتسويق والبحوث والإحصاءات والإعلام وأيضا لعدم وجود نظام مبرمج لزيادة جذب السائحين للمواقع الأثرية والدينية، وضعف الوعي السياحي والثقافة السياحية بين المواطنين، وضعف الرقابة الصحية والسياحية على الخدمات المقدمة في الفنادق والمطاعم، فضلا عن عدم وضع خطط تنموية مستقبلية للسياحة الدينية من مشاريع مختلفة، كالطرق وعدم توفير أماكن كافية للراحة من فنادق ومطاعم بالمستوى المقبول وبشكل يسهم بجذب السواح وعدم وجود لجان لإرشاد السائحين أو خرائط وأدلة عن المرافق الدينية والتاريخية الآثارية والتراثية، يضاف إلى كل ذلك عدم توفير الخدمات اللوجستية.
عموما أن الخدمات السياحية لم تكن بالمستوى المطلوب، الذي يلبّي حاجات ورغبات السياح الوافدين، ويفترض الاستفادة من الخبرات والتجارب السياحية في الدول المتقدمة بهدف تطوير السياحة الدينية في العراق، وزيادة الاستثمارات الحكومية السياحية في النشاط السياحي (وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار)، من خلال تقديم الدعم والتسهيلات له من قبل الدولة، الذي بقيَّ تنشيط هذا القطاع الستراتيجي في ملعبها.
وعلى الرغم من امتلاك العراق عدداً من المقومات السياحية، مستفيداً من موقعه الجغرافي بوجود أعرق وأقدم الحضارات على أرضه، فإن القطاع السياحي لم يشكل مورداً مهماً في موازنات السنوات الماضية.