سعد العبيدي
عند التجوال في شوارع بغداد قبل أيام من الشروع بإدلاء الأصوات في الانتخابات الخاصة لاختيار، أو انتخاب أعضاء مجالس المحافظات، سيرى المتجول غابات من النشرات والصور المزوقة بالطرق الالكترونية (فلاتر) والعوارض الحديديَّة، والاعلانات الضوئيَّة، موضوعة عشوائيّاً، مكتوباً عليها معلومات، وسير شخصية، وشهادات، وأشعاراً وأعمالاً، وإنجازات، بطرق غير نظاميَّة، لا علاقة لقسم منها في تحديد مثيرات الاستمالة النفسيَّة للناخب وحثه على الاختيار، إنّها حالة تكاد تكون فريدة من نوعها، أو قليلة الحدوث في المجتمعات الديمقراطيَّة الحقيقيَّة، تعبر عن طبيعة وخصائص نفسيّة كذلك فريدة، إذ تغلب على أصحابها الاستعراضيّة، يحس وسطها المتجول أنّه بمواجهة عروض يريد الواحد من أصحابها القول أنا، وما الدعاوى المكتوبة لتقديم الخدمات، أو ذكر القدرات إلّا براقع لتغليف تلك الانا وإظهارها بمظهر الأضخم، وتغلب على وسم الأسماء ألقاب ترجع أصاحبها أو الكثر من أصحابها، إلى العشيرة، أملاً في استنهاض أفرادها، واستثارة هممهم في الانتخاب عشائريّاً، ويغلب عليها أيضاً وضع قرين لصاحب الصورة، صورة سياسي مخضرم ورئيس حركة أو كتلة أو تيار أو حزب مدوّر، وأمور أخرى بعيدة عن أصول ومعنى الدعاية الانتخابيَّة، تدفع من النواحي النفسيَّة إلى:
تشتيت خيارات الناخبين (المستقلين غير المتحزبين، وهم كثيرون في المجتمع العراقي) تضعهم في موقف حيرة من الاختيار، قد تدفع البعض منهم إلى العزوف عن الاختيار وبما يفوق سحبه إلى جوانب المشاركة.
إثارة أفكار الضد من الانتخاب عند (المترددين الذين لم يحسموا أمرهم في المشاركة من عدمها، وهم غير قليلين من المواطنين العراقيين) وأفكار الضد عادةً ما تكون مصحوبة بقدر من العدوانيَّة، والاستخفاف تزيد من توجهات المقاطعة، على هذا يمكن الاستنتاج أنّها دعاية فوضويَّة تعطي صورة سلبيَّة، تتكرر في جميع الدورات الانتخابيّة، تحتاج إلى تنظيم والى تنسيق، وعقلنة تظهر فقط قدرات المرشح وإمكانياته الحقيقيّة، وتحمي الشارع من التشوهات والفوضى، وتقي العقل من المؤثرات السلبيّة.