الحرب في غزَّة وجرائم الكيان الصهيوني

آراء 2023/12/24
...






  ضياء السعدي 

منذ العودة الثانية للكيان الصهيوني في حربه الغاشمة ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية الباسلة، فهو لا يزال وجنده الأشرار النازيون الجدد يرتكبون أبشع الجرائم المحرّمة بقواعد القانون الدولي الإنساني، عندما يستهدفون المدنيين من سكان غزة بصواريخ الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة والقنابل والأسلحة المحرمة دولياً على طول أراضيها وعرضها، وبقدر مضاعف لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية في حروبها على الشعوب والدول لتلحق بذلك تدميراً كارثياً للمنازل السكنية والمؤسسات المدنية والصحية ولدور العبادة، ولتنال حتى من سيارات الإسعاف والإغاثة.

كل ذلك يجري على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية المستمرة في استهدافها لحياة الفلسطينيين، ووجودهم باللجوء للأساليب التي تنطوي على معنى التطهير العرقي والإبادة الجماعية والإجبار القسري على مغادرة أراضي غزة وبصورة نهائية، وبدون عودة تمهيداً لبسط نفوذها العسكري على كامل أراضي مدينة غزة بما يؤمن من احداث حالة من تدويل التهجير ومقدمة أولية لتنفيذ مشاريع ومخططات عسكرية وسياسية تتعلق بتعديل حدود أقاليم دول عربية مجاورة، أو غير مجاورة لفلسطين المحتلة، معرضين بذلك عموم الأمن القومي العربي للخطر.

ما زالت إسرائيل والمستوطنون في مستعمراتهم مستمرين في عدوانهم الغادر واللئيم بارتكاب المظالم والمجازر، مأسورين جميعا بعنصريتهم وطبيعتهم العدوانية وتعاليهم بالنظرة الدونية للفلسطينيين والعرب، ومحكومين بسلوك الانتقام نتيجة فشلهم الذريع عسكرياً واستخبارياً وإعلامياً في مواجهة اقتدار المقاومة الفلسطينية المتمثلة بطوفان الأقصى، الذي أسقط ولأول مرة وبصورة فعلية أسطورة الجيش المتفوق دائما، بدليل عدم استطاعته حتى الآن في الوصول إلى أهدافه المعلنة بالسيطرة وتصفية المقاومة الفلسطينية الشعبية المسلحة والاستدلال على مواقع قيادتها، وكذلك تخليص أسراه من ضباطه وجنوده وغيرهم من قبضتها عليهم بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، ومرور قرابة ثلاثة أشهر على بدء الحرب العدوانية لذبح الشعب الفلسطيني.

وعلى امتداد أيام وساعات العودة الثانية للحرب العدوانية لم ينفك جيش الاحتلال الإسرائيلي وبدون أي رادع قانوني أو أخلاقي أو إنساني، عندما تقوم دباباته وصواريخه الحربية في إرتكاب الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية المعاقب عليها، وفقاً لقوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني، بل وسع من دائرة استهدافاته لتشمل مراكز مدنية صرفة محمية ومبعدة عن الأعمال العسكرية، لتنال من المدارس الخاصة للتعليم وقتل الطلاب المتواجدين فيها، وكذلك مراكز ووكالات الأمم المتحدة والملاجئ ومنع وصول الماء والكهرباء والوقود، وعرقلة وصول إمدادات القوت الإنساني المنقذ للحياة، وفي ممارسات وحشية وشاذة لا مثيل لها على امتداد التاريخ البشري.

يوم بعد يوم يصعد الكيان الصهيوني وهو السادر دائماً في غيه وطغيانه من ارتكاب أخطر الجرائم الدولية في قتل وذبح شعب فلسطين، بتحريض وتسهيل الإدارة الأمريكية ومشاركتها الفعلية بتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية، لاستخدامها لحق الرفض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي للمرة الثالثة للحيلولة دون وقف قتل شعب فلسطين وإدانة العدوان، ودون أدنى إكتراث أو التفاتة لمطالب الشعوب والرأي العام العالمي في أغلب مجتمعات ودول عالم اليوم في وقف الحرب الظالمة التي تشنها الدولة المجرمة إسرائيل المحتلة، بمعاونة أمريكا ودول الغرب الفاقدة للأخلاق والمجردة عن المبادئ الإنسانية بعد تعرية زيف إدعاءاتها أمام شعوبها، ولعلَّ يقظة الضمير والوجدان الإنساني، قد تمثلت عندما أقدم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس وهو الممثل للمجتمع الدولي على توجيه التنبيه إلى مجلس الامن الدولي على وفق أحكام المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة، لأن ما يجري في فلسطين العربية المحتلة يعدُّ تهديداً للسلم والامن الدولي، وهذا الموقف أرعب الولايات المتحده الأمريكية وإسرائيل، وإن المقاومة الفلسطينية قد حققت فهماً دولياً مجدداً بطبيعة الكيان الصهيوني.

 وأمام مشاهد المجازر الدموية، التي ترتكب في غزة يختفي تماماً موقف النظام العربي الرسمي الخائن لقضية العرب الأولى فلسطين، في غفلة متعمدة إن لم يكن بعضها متواطئاً ومشاركاً بفعل معاهدات واتفاقيات الاعتراف والتطبيع والعاجز أيضا عن تنفيذ قرارات مؤتمر القمة العربية الإسلامية والتي لا تمثل حتى.

الحد الأدنى من المطلوب فعلياَ وهذا كله ما ساعد إلى حد كبير في الصلف الإسرائيلي ودمويته واستمراره في إبادة وقتل شعب فلسطين.

وفي كل الأحوال أن المقاومة الفلسطينية لا تزال صامدة قوية ومقتدرة ومتفوقة في انتصاراتها الجهادية والكفاحية، وخلقت واقعاً جديداً لا يمكن تجاوزه، وأن آثاره ماضية في المنطقة العربية وأن شعباً لا فرق عنده بين الحياة والاستشهاد، من أجل قضية عادلة سيكتب له الانتصار الحتمي وتحقيق أهدافه في إقامة دولته على أراضيه وعاصمتها الأبدية القدس الشريف والهزيمة المنكرة للعدوانيين الصهاينة.


 الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب