سعد العبيدي
تواردت حكايات بينها حقائق، وبينها شائعات ملأت آذان البغداديين، وباقي أبناء المحافظات، عن توجه قسم من المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات الأخيرة إلى الصرف المالي المغالى به حدود الاسراف، بغية تغطية النفقات الخاصة بترشحهم لهذه الانتخابات، التي تعثرت لعدة سنوات (أعمال دعاية، وهدايا، ودعوات، وشراء بطاقات، ورشى، وغيرها) حتى قيل عن أحدهم شاب من أطرف العاصمة بغداد قد أنفق على حملته الانتخابية أربعة مليارات دينار عداً ونقداً، أثمرت هذه المليارات عن فوزه بعدد من الأصوات يحسب عالياً، بالمقارنة مع باقي المرشحين في عموم المحافظات، وقيل عنه احتفل بالفوز بمجرد ظهور النتائج الأولية بطريقة المنتصرين في حروب الاستبداد، نحر على غداء أعد لهذا الغرض حضره آلاف من أبناء العشيرة والمريدين أكثر من مئتين وخمسين خروفاً، أضاف كلفتها العالية وأطنان من الرز على المليارات المذكورة، وهو منتش بتفوقه، راض عن أدائه والصرف.
إن الصرف على الانتخاب بهذا المقدار المغالى به اسراف غير مبرر، وغير مفهوم، يضع صاحبه، ومهما حسنت نوايا التفسير، في دوائر الاتهام بأن الصرف استثمار، ينتظر منه عائداً علي شكل أرباح قد تزيد مقاديرها عن المبلغ الأصلي المصروف، أي رأس المال، وهي أرباح مصدرها إحالة مقاولات بطرق مشبوهة، واقرار مشاريع غير ملائمة، واستغلال مناصب، وأعمال فساد، ستخل جميعها بمبادئ الديمقراطية وأهدافها في تقديم الخدمة المطلوبة إلى الشعب من قبل أشخاص يفترض بهم الأنسب والأكفأ والأنزه، لتقديمها دون مقابل، وستخل كذلك بخطط الدولة ومشاريعها في البناء والاعمار، والنهوض بالمجتمع العراقي، وإخراجه من مستنقع التخلف والفساد.
إنها حالة هذا الشاب البغدادي من بين عشرات الحالات تشبهها في عموم محافظات البلاد، تعني أن الديمقراطية التي يحاول البعض دخولها من باب الإسراف المالي، ديمقراطية مشوهة، ستؤدي إلى مزيد من ارتكاب أعمال الخطأ والفساد في فترة زمنية حرجة تحتاج المزيد من النزاهة والإخلاص.