المجالس وامتحانها الأخير

الصفحة الاخيرة 2023/12/25
...

عبد الهادي مهودر

إجراء انتخابات مجالس المحافظات والإعلان عن نتائجها يعني بدء العد التنازلي للمحافظين الحاليين واقتراب موعد التغيير بانتخاب المحافظ الجديد ونائبيه بأغلبيَّة مطلقة بعد شهرٍ كحدٍ أقصى من تاريخ انعقاد أول جلسة لمجلس المحافظة، لكنّ المختلف هذه المرة أنَّ عيون الناس ستبقى مفتوحة على مجالس المحافظات أكثر من ذي قبل، وللمرة الأولى ستكون الحكومات المحليَّة تحت ضغط المراقبة الشعبيَّة والسياسيَّة، وتحت مجهر المقارنة ما بين سنوات غيابها العشر وعودتها، والمقارنة بين حصر السلطة والصلاحيات بيد المحافظ كرئيسٍ تنفيذي وبين جدوى المشاركة معه بالقرار والرقابة عليه وتقييده، وأي الخيارين هو الأكثر جدوى لأبناء المحافظات وأقرب لتحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات، وأي المحافظين الأفضل، السابق المنفرد بالسلطة أم الجديد الذي سيختاره ويراقبه ويحاسبه مجلس المحافظة المنتخب؟.
والحق يقال فإنَّ بعض المحافظين يستحقون التجديد بحسابات الإنجاز والتطوير الذي أحدثوه في محافظاتهم على مستوى الإعمار والاستقرار والخدمات، وكيف انتهزوا فرصة غياب مجالس المحافظات ليعملوا بشكلٍ مكثّفٍ مستفيدين من فرصة امتلاكهم للقرار وحافز العمل والإنجاز الذي سجّل بأسمائهم من دون شريكٍ منافس، ومن المحافظين من لا يستحقون البقاء في مناصبهم يوماً إضافياً لسوء الأداء وتراجع الخدمات ونسب إنجاز المشاريع في محافظاتهم، فضلاً عن ضعف نتائجهم الانتخابيَّة.
ولا خيار لهذه المجالس إذا أرادت الاستمرار والنجاح في امتحانها الثاني أو الأخير، غير التركيز على تطوير الخدمات وعدّها هدفها الأكبر ومعيارها في مهمة اختيار المحافظين، وإبعاد المصالح الفئويَّة والحزبيَّة وحفظ الأمن والاستقرار الذي يعدُّ أهم منجزٍ حكومي، وهو اختبارٌ صعبٌ في ظل التنافس السياسي، وقد يشكّل مقتلاً لهذه التجربة إذا فشلت هذه المرة وصولاً الى تعديلٍ دستوري قد يلغي وجودها الى الأبد عند الفشل، أو يثبّتها دستورياً إذا تجاوزت
الامتحان وعقدة التشكيل بهدوء من دون تسخينٍ للأجواء السياسيَّة بالصراع على المناصب بدل التسابق على تقديم الخدمات.