ميساء الهلالي
أو ربما أزمة السادس وقد يسمونه حفرة السادس أو عثرة.. لا ضير في حجم وشكل وعدد المسمّيات ما دام الهدف واحدا والهم واحدا.. إنّه السادس نعم..هو مرحلة دراسيَّة ليس إلا تتمثل في انتهاء الدراسة الثانوية والانتقال إلى المرحلة الجامعيّة.. ولم يكن هذا السيد سادس يشكل خطراً كبيراً في العقود السابقة ولكن العقدين الأخيرين وبالتحديد قبل عشر سنوات بدأت تلك المعضلة تهاجم الطلبة المقبلين على تجربة الحياة الجامعيّة، وكان سبب صعوبة تلك المرحلة قد تمثل في انتشار حلقات التدريس الخصوصي التي تطورت إلى معاهد لتدريس الطلبة وانتشرت كانتشار النار في الهشيم لتعلن عن بدء حقبة جديدة من المعاناة التي ترافق طالب المرحلة المنتهية الإعداديّة وأسرته، فبين سطوة معاهد التدريس الأهليَّة وانسياق الطلبة نحو التقليد ليلتحقوا بتلك المعاهد كزملائهم مضافاً إليه بزوغ فجر الجامعات الأهليَّة التي بدأت تحتل المناطق السكنيّة أيضا لم يعد هناك خيار أمام وزارة التربية سوى اختيار طرق وأساليب ملتوية جديدة لطرح أسئلة ومعضلات يصعب حلها.
ولأنَّ السنوات الثلاث الماضية مرت مرور الكرام على هؤلاء الطلبة بفضل فايروس كورونا الذي عطل الحركة في العالم أجمع فصارت الدراسة أشبه بمرحلة اضطراريّة العبور رافقتها تسهيلات الوزارة من أدوار أولى وثانية وثالثة ونظام المحاولات والتنسيب وغيرها من الحلول إلا أن العام الدراسي الماضي شهد طفرة نوعية في عمل وزارة التربية بعد أن قررت إعادة النظر في حجم التسهيلات التي منحتها للطلبة خلال السنوات السابقة وقررت بكل مفاصلها أن تعطل عدة أنظمة كانت متبعة سابقاً لتعيد للتعليم هيبته لا سيما مع تزايد أعداد الخريجين والفرص السهلة التي تقدمها الكليات الأهليّة مما أفرز أعدادا هائلة من العاطلين عن العمل، ومن هنا كان قرار التغيير أو لنقل قرار الانتقام.
تغيرت القرارات السهلة مع تناسي أن طلاب هذه المرحلة هم من طلبة فترة كورونا التي كان فيها التعليم إلكترونيا مما سهل وصول الطلاب إلى السادس الإعدادي من دون التعمق في المواد الدراسية وبدلا من قيام الوزارة بإحداث التغيير المعتمد بعد انتهاء العام الدراسي السابق تقديراً لوضع الطلبة الذين فوجئوا بموادهم الدراسية الصعبة عمدت الوزارة إلى وضع خطة صعبة للغاية تمثلت في حذف جميع القرارات التي تقوم على التسهيلات، فضلا عن طرح أسئلة صعبة للغاية ولثلاثة أدوار مما أغلق الطريق في وجوه الطلبة ومن ثم اختار الكثير منهم التحول إلى الإعداديات المهنية باعتبارهم طلبة
متلكئين.
هنا يمكن طرح تساؤل بسيط.. هل هناك حلول مستقبليَّة للطلبة المتلكئين وسواهم؟، فبعد التصريح الخطير لدولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حول غياب فرص التعيين لكل الطلبة الخريجين.. ألا يمكن التفكير في خلق فرص جديدة متمثلة في إحياء المصانع القديمة والاستثمار في القطاع الخاص وتوفير فرص جيدة خارج إطار التعيين الحكومي للخريجين سواء الجامعيين أو خريجي الإعداديات المهنية والمعاهد كالنظام المتبع في أغلب الدول التي لا تعتمد فقط على الاستهلاك بل تعتمد على المنتج الوطني من خلال المعامل والشركات التي تزرع فيها طاقات شبابية تنتج للبلد وتجد فرصة عمل في ذات الوقت.. عسى أن يتبدل الحال ليحسن الطالب مستقبلا خياره فلا يذهب خلف جحيم السادس ويختار ما يناسبه من التخصصات التي ستوفر له فرص عمل أخرى في الوقت الذي يجب أن تسعى الحكومة لوضع خطة منظمة للقبول في الجامعات الأهليّة وفتح المجال للالتحاق بالجامعات الحكومية وفق معايير، لا سيما للطلبة الذين لا يتمكنون من دفع أقساط الجامعات الأهلية.. تساؤلات وحلول ورغبات ليس إلا عسى أن تجد التطبيق في الفترة المقبلة.