بغداد: حيدر الجابر
تنذر الخدمات شبه المجانبة التي تكلف خزينة الدولة أموالا طائلة بانهيار قطاع الخدمات بالكامل، إذ دأبت الدولة العراقية الحديثة على دعم أهم القطاعات التي تمسُّ حياة المواطنين وتقديمها بأسعار رمزية، على الرغم من تبدل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وبحسب رئيس لجنة الخدمات النيابية، علي الحميداوي، فإن جباية الأموال عن هذه الخدمات لا تتعدى 10بالمئة من القيمة الحقيقية، بينما تنفق الدولة عليها نحو 75بالمئة. وقال الحميداوي لـ"الصباح": إن "هذه الخدمات سواء المتعلقة بالماء أو بالصرف الصحي تقتضي استحصال أجور مجزية للمحافظة عليها وضمان استمرارها". وأضاف أن "المبالغ المخصصة للصيانة أو إنشاء مشاريع جديدة قليلة، ونحن بحاجة إلى جباية لتحسين جودة الخدمات، لأن الحكومة تجبي نحو 10بالمئة من خدمات الماء والكهرباء، فيما تتحمل الموازنة العامة أكثر من 75بالمئة من الكلفة الحقيقية". وأضاف، "تحتاج الخدمات إلى مشاريع وإعادة تأهيل وصيانة، والجبابة لا تتناسب مع واقع الخدمات المقدمة". ودعا إلى "استخدام الجباية الإلكترونية لأنها ستعالج هذه المشكلة وستخدم المؤسسات التي تعمل بالتمويل الذاتي""، مؤكداً "الحاجة إلى الحوكمة في هذا الملف". وانتقد الحميداوي "وجود تباين في الأجور"، واعتبر أن "المشكلة تتحملها المؤسسات المعنية"، مشترطاً "وجود رقابة حكومية على الأداء والتجاوزات". وما زالت الدولة العراقية تفرض رسوماً رمزية عفا عليها الزمن، بينما يمكن استثمار قطاع الخدمات في تمويل الموازنة العامة، وتغطية نفقات هذه الخدمات.
وقال الخبير الاقثصادي، صفوان قصي، لـ"الصباح": إن "من الضروري إعادة هيكلة الوحدات الحكومية لتتحول من وحدات خاسرة إلى وحدات تغطي التكلفة"، وأضاف أن "الخدمات الحكومية المقدمة تحتاج إلى أن تكون مستدامة، ولا يتحقق هذا الأمر إلا بأن تكون ذات قيمة تغطي التكلفة على الأقل"، لافتاً إلى أن "بعض الخدمات مدعومة من الحكومة، وهو أمر ضروري".
وتابع: أن "بعض الخدمات من الممكن أن تخلق بيئة منتجة للوحدات الحكومية، وإعادة النظر بالتسعيرة لتنسجم مع الواقع الحالي"، وأشار إلى أن "بعض المعاملات الحسابية تنجز بمئة دينار فقط"، منبهاً إلى أن "بعض الإيرادات المهمة لا يمكن أن تستمر بنفس الجودة إلا من خلال تغطيتها مالياً". ودعا قصي، إلى "تطوير الوحدات الحكومية والعمل بعقلية الاستثمار"، وبيّن أن "تكلفة بعض الخدمات قليلة جداً ولا تساوي الجهد والإنفاق عليها، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر بتسعير بعض الرسوم بما لا ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين".
وأكد، أن "الدعم الحكومي يجب أن يكون للإنتاج وليس للاستهلاك، وإذا نجحت الحكومة في إعادة تقييم كلفة الخدمات والإيرادات المتحصلة فإن الوحدات الخدمية ستكون منتجة وعلى مستوى عالٍ، مثل النقل العام والصحة العامة"، مستدركاً: "يمكن استثناء بعض الشرائح التي لا تستطيع تحمل أجور هذه الخدمات"، داعياً إلى "وضع نظام لتسعير الخدمات الحكومية وفق رؤية جديدة".
تحرير: محمد الأنصاري