سلاماً.. حماة الوطن

آراء 2024/01/07
...

 د. صادق كاظم 


تأثر الجيش العراقي مبكرا بالسياسية وأصر على دخولها منذ ان اقتنع الفريق بكر صدقي رئيس الأركان بأنه يجب أن يدخل الجيش إلى الساسة، ويقول كلمته فيها بتشجيع سري وقتها من الملك غازي، الذي كان متأثرا بصعود التيارات القومية المتشددة في أوروبا, حيث اراد غازي التخلص من بعض السياسيين الأقوياء لصالح نفوذ ودور أكبر له وبناء دولة عصرية حديثة يركن فيها إلى حلفاء أقوياء ومؤثرين, لكن المفارقة أن هذا الدور والصعود السياسي للجيش عبر أول انقلاب لم يكتب له النجاح داخليا، بسبب الصراعات وتأثير الأوضاع الإقليمية والنفوذ البريطاني القوي في الداخل، جعل تجربة النظام الملكي تهتز وتسقط في النهاية على يد المؤسسة العسكرية، التي تولت ادارة السلطة في تموز من العام 1958 بتأييد شعبي جارف في تجربة ثورية غيرت ملامح وشكل المجتمع العراقي باتجاه اكثر تحديثا وتطورا، قبل أن تتوقف هذه التجربة مرغمة مع وصول البعثيين إلى السلطة في انقلاب مدعوم من وكالة المخابرات الأمريكية في تموز من العام 1968 التي انتجت نظامًا سياسيًّا دمويًّا مهووسًّا بالحروب، وتدمير البلاد وثرواتها ليتهاوى هذا النظام ويسقط مجددا في نيسان من العام 2003.

للجيش العراقي مآثر وصفحات بطولية ناصعة, خصوصا في التصدي للعدوان الصهيوني على ارض فلسطين والبلدان العربية, حيث إنه استطاع أن يحافظ على خط الجبهة المؤثر في الضفة الغربية من نهر الأردن في حرب العام 1948 ويمنع العصابات الصهيونية من السيطرة عليها, بل وجعل الجيش الصهيوني يحجم عن مواجهته، خوفا من شجاعة وبطولة مقاتليه. هذا الدور تكرر ايضا خلال حرب العام 1967 عندما كان سلاح الجو العراقي الوحيد والأخير الذي تمكن من إدخال طائرة قاصفة مقاتلة ثقيلة إلى المجال الجوي لفلسطين المحتلة والى مدينة تل ابيب بالذات، مدمرا معسكرات ومواقع مهمة وملحقا خسائر بشريىة بصفوف الصهاينة خلال تلك الغارة البطولية. وكان الجيش العراقي أيضا مساهما وببسالة بطولية في حرب العام 1973 عندما تمكنت فرقة مدرعة عراقية من التصدي للهجوم الصهيوني ومنعها من الاقتراب من العاصمة دمشق, حيث أوقف هذا التصدي البطولي الزحف الصهيوني وألحق بالصهاينة خسائر فادحة.

لقد قام الجيش العراقي بواجباته بكل بسالة واحترافية في المهام، التي أوكلت إليه بحفظ الامن بعد العام 2003 وتسلم الملف الأمني من القوات الأمريكية في مختلف مناطق البلاد، وكانت تجربة التصدي لعصابات داعش الإجرامية، وتحرير المدن والمناطق المحتلة من أكثر المهام جسامة وصعوبة، التي أنجزها بكل بسالة وبطولة, حيث خاضت صنوف قوات الجيش البرية مدعومة بسلاح الطيران معارك ضارية, خصوصا أثناء معركة تحرير الموصل التي كانت نوعا من أكثر القتال صعوبة وقساوة, حيث خاض مقاتلو الجيش من صنف القوات الخاصة والمشاة حرب شوارع صعبة تمكنوا فيها من تحرير المدينة وأزقتها والحاق الهزيمة بها وإعلان التحرير الكامل.