مبررات إنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق

آراء 2024/01/10
...



  أ د.جاسم يونس الحريري

قامت أميركا بغزو العراق في 2003 وأطاحت بنظام صدام حسين، ونشرت على حينها الآلاف من جنودها في مختلف المناطق، وكان أكبر وجود عسكري أميركي في العراق عام 2007، عندما بلغت الأعداد 170 ألف عنصر، وفي 2008 أبرم العراق والولايات المتحدة الأميركية اتفاقية (الإطار الستراتيجي)، التي انسحبت بناء عليها القوات الأميركية في نهاية 2011. إن أعداد القوات الأميركية في العراق لا يمكن حصرها، إذ إنها جوَّالة وتتحرك بين قواعد منطقة الشرق الأوسط بحسب أوامر وزارة الدفاع الأميركية، إلا أنها لن تتقلص دون 2500 جندي، أن تراجع أعداد هذه القوات عمّا سبق يرجع لعاملين يتمثلان بانتهاء العمليات العسكرية وتنامي القدرات العسكرية العراقية. وتعلن الولايات المتحدة الأميركية بين فترة وأخرى أنها لن تنسحب من العراق، وأن الوجود الحالي سيتحول إلى دائم بمرور الزمن، خاصة أن (قاعدة عين الأسد) تعد قاعدة عملاقة من حيث البنى التحتية، وتتفوق تقنيا على قاعدة (أنجرليك) في تركيا بـ3 أضعاف، وبالتالي لن تنسحب الولايات المتحدة الأميركية منها لحماية أمن الكيان الصهيوني من أية تهديدات مستقبلية. إن العراق بات لديه القدرة على الاعتماد على قواته المسلحة دون الحاجة لوجود قوات برية أميركية. وبعد وصول الرئيس الديمقراطي (باراك أوباما) إلى البيت الأبيض، حاول من دون جدوى، التفاوض بشأن اتفاق جديد يسمح بإبقاء آلاف العسكريين الأميركيين في العراق بعد 2011، بحجة مساعدة العراق في مواجهة المشاكل الأمنية التي كانت لا تزال قائمة، والتي تقف خلفها خصوصا مجموعات متطرفة. لكن بغداد رفضت طلب واشنطن منح العسكريين الأميركيين حصانة أمام المحاكم العراقية لم يبرم اتفاق جديد. وفي الثامن من ديسمبر 2011، غادرت آخر دفعة من الجنود الأميركيين العراق. وبعد الانسحاب الأميركي، توسع عصابات داعش الإرهابية في العراق وسوريا، وسيطرت على مناطق شاسعة في البلدين.على الإثر، وطلبت بغداد من الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا تقديم دعم للقوات العراقية الموجودة على الأرض، من خلال ضربات جوية. وعندما سيطر التنظيم المتطرف على مدينة الموصل في يونيو 2014، قدمت السلطات العراقية طلبا رسميا إلى الولايات المتحدة الأميركية. وسمح أوباما في حينها بعودة 275 عسكريا أميركيا إلى العراق وبدأت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بشن ضربات جوية منتظمة دعما للقوات العراقية. وفي أغسطس 2014، دعا العراقيون الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها إلى إرسال قواتها، ما أدى إلى بدء عملية «العزم الصلب» وتشكيل التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الذي يقوم بعمليات جوية، مقدما سلاحا وتدريبا ودعما تكتيكيا للعراقيين. ويتوزع الوجود العسكري الامريكي في الاماكن التالية:
1 - قاعدة عين الأسد: تقع في محافظة الأنبار غرب العراق، وكانت قد تعرضت لهجوم بخمسة صواريخ في ديسمبر 2019، وذلك بعد أيام على زيارة قام بها نائب الرئيس الأميركي (مايك بنس).
2 - قاعدة الحبانية: في محافظة الأنبار غرب البلاد، ودربت القوات الأميركية بالشراكة مع قوات من التحالف الدولي لمحاربة عصابات داعش الارهابية نحو تسعة آلاف عنصر من قوات الأمن العراقية ما بين 2014- 2015.
3 - قاعدة كركوك (K-1): تقع هذه القاعدة شمال بغداد، وتوجد بها قوات أميركية لأغراض التدريب والتأهيل، واستهدفت بنحو 30 صاروخا في 27 ديسمبر 2019 راح ضحيتها متعاقد أميركي.
4 - قاعدة بلد الجوية: تبعد هذه القاعدة الجوية نحو 100 كيلو متر شمال بغداد في محافظة صلاح الدين، وهي تضم جنودا أميركيين وطائرات أميركية، حيث غالبا ما تشهد طلعات طائرات الـ F16 الحربية منها، وقد تعرضت إلى سقوط صاروخ كاتيوشيا مطلع2020.
5 - قاعدة فكتوري: وهي تقع قرب مطار بغداد، وهي تقدم دعما جويا ومساعدة عسكرية منها.
6 - قاعدة القيارة: وهي تبعد 58 كيلو مترا جنوب مدينة الموصل، وهي من أكبر القواعد العسكرية الاستراتيجية والتي تضم مطارا عسكريا مهما.
7 - اعدة التاجي: وهي تضم معسكرا مهما شمال بغداد، ويتمركز فيها جنود أميركيون لأغراض التدريب، كان قد تعرضت لسقوط قذيفتي هاون في أكتوبر2019.
8 - قاعدة ألتون كوبري: وهي تقع في محافظة شمال غربي كركوك، وتبعد نحو 50 كيلو مترا عن مدينة أربيل كبرى مدن إقليم كردستان.
9 - أربع قواعد في كردستان: وفي كردستان العراق يوجد عسكريون أميركيون في أربع قواعد هي قاعدة قرب سنجار، وأخرى قرب أتروش، وفي قاعدتين في مدينة حلبجة بمحافظة السليمانية قرب الحدود الإيرانية.
10 - قاعدتان قيد البناء: وتشير تقارير إعلامية إلى أنه يتم بناء قاعدتين جديدتين في الرمانة قرب منطقة القائم، وأخرى في منطقة الرطبة غرب مدينة الأنبار.
وبعد تكرار الاعتداءات الأميركية على مقرات الحشد الشعبي وآخرها الهجوم على موقع دعم لوجستي تابع إلى قوات الحشد الشعبي شرق بغداد، وهي جزء من القوات الامنية العراقية الرسمية بدون علم الحكومة العراقية، وما تسبب منه من خسائر بشرية، حيث تمَّ استشهاد القائد (أبو تقوى السعيدي) ومرافقيه في الحشد الشعبي، أصبح من الواجب من السلطات المعنية العراقية تفعيل قرار مجلس النواب العراقي في أوائل عام2020، باخراج القوات الاجنبية بعد أن أصبحت تلك القوات عاملا للاعتداء وخرق السيادة العراقية والأعراف والقوانين الدولية.