العراق واحتمالات احتدام الصراع في المنطقة

آراء 2024/01/10
...

عبد الحليم الرهيمي

بينما تتسع رقعة التوترات والصدامات العسكرية والسياسية في المنطقة والعالم، ومنها الحرب العدوانية الدائرة ‏بين اسرائيل والشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، والحرب الروسية العدوانية ضد الشعب ‏الاوكراني والحرب الأهلية الدائرة بين القوى المسلحة في السودان، فضلا عن الصراع الأميركي الصيني حول ‏تايوان.. وغيرها من الصراعات، حدثت عملية 7 اكتوبر (تشرين الاول) التي قامت بها حركة (حماس) ضد إسرائيل والتي أسفرت عن قتل نحو 1400 إسرائيلي، من ضمنهم عشرات من المستوطنين الإرهابيين، واسر ‏واحتجاز نحو 300 جندي ومستوطن إسرائيلي، إضافة إلى عشرات الأجانب من الأميركيين والبريطانيين ‏وجنسيات أخرى.‏
لقد أدى هذا الحدث الكبير، إلى بدء إسرائيل في اليوم التالي شن حرب عسكرية قذرة ومدمرة ضد أبناء غزة ‏ومؤسساتها وبناها التحتية.. والمستمرة حتى الآن، إلى دخول دول المنطقة وشعوبها ودول العالم الاخرى ‏بمرحلة احتقان واحتدام الصراعات السياسية والعسكرية القائمة اساساً، بتصاعد العنف وارتكاب المجازر ‏وبهياج شعبي ورسمي على الصعيد العالمي، مستنكراً لما تقوم به إسرائيل من جهة والتعبير عن فزع ومخاوف ‏شعوب معظم بلدان العالم، ما سيلحق بهم من كوارث اقتصادية وأمنية واجتماعية وسياسية من جهة أخرى إلى ‏الحد الذي يمكن القول فيه أن المنطقة والعالم أصبح غيرهما بعد 7 اكتوبر.‏
ولأن اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو أصبحت تشعر بما لحق بها من هزيمة مرة وكسر هيبتها وغطرستها، ‏وتنامي شعور الخوف على مستقبلها، فإن نزعة الانتقام التي ستتعمق لديها املاً بتبديد ما لحق بها من هزيمة ‏معنوية وسياسية وكسر هيبتها، وهذا ما سيدفعها لمواصلة الحرب القاسية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع ‏غزة والضفة، وإن اختلفت مع سياسة الولايات المتحدة الداعم الأساس لها عسكرياً وسياسياً، وهو الامر الذي ‏سيؤجج الصراع أكثر فاكثر في المنطقة وينسحب بالتالي على دول العالم الاخرى مما سيسفر عنه احتدام وتفاقم ‏الصراع على صعيد المنطقة والعالم، وبأجندات وأهداف متباينة، وهذا سيؤدي إلى تفجيرات أمنية وعسكرية ‏وحروب تمتد على أوسع رقعة من المنطقة والعالم.‏
ازاء هذا التصاعد في احتدام تلك الصراعات واحتمالات اتساع نطاقها وما سينجم عنها من كوارث، عبّرت أاصوات دولية مثل تصريح الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش، الذي عبر عن خشيته مما سيحدث من كوارث‏، أما صحيفة « الغارديان « البريطانية فقد حذرت في تقرير – تحليل نشرته عشية عيد الميلاد (الكريسماس) ‏من وصول الاحتدام في الصراعات إلى التدهور، لمرحلة يصبح فيها من الصعب منع اتساع الحرب الإقليمية، ‏خاصة في (ظل الخطر الذي يهدد الملاحة البحرية قرب اليمن).
واكد تقرير «الغارديان « (بأن الضغوط ‏تتزايد على إدارة الرئيس جو بايدن، لتقوم بالرد على إيران وحلفائها، وتستدرك الصحيفة لتقول : إنَّ اندلاع ‏حريق أكبر سيقود إلى كارثة بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل وشعوب المنطقة).
وقد أوضح التقرير (بأن ‏الحرب الأوسع نطاقاً، المحتملة، قد تشمل اليمن وسوريا ولبنان والعراق وإسرائيل وايران..) ويصل تقرير ‏الصحيفة إلى استنتاج يقول (إن الضربات الأميركية المحدودة ربما لن تردع ايران عن دعم المزيد من ‏الهجمات، التي ينفذها حلفاؤها في أنحاء المنطقة كافة ).‏
ومهما تكن الآراء في تقرير – تحليل صحيفة (الغارديان) فإن الواقع على الأرض وتطوره الخطير في الأيام ‏الأخيرة على مختلف مواقع وجبهات الصراع يشي، بأن العراق سيكون مثلما هو الان أحد ساحاته الخطرة، ‏ولكي يتجنب العراق وشعبه الكوارث المتوقعة من هذه الصراعات وتأثيراتها وانعكاساتها المدمرة عليه، يتطلب ‏من جميع الجهات الاجتماعية والسياسية الشعبية والرسمية، وخاصة تلك التي بيدها اتخاذ القرارات والمواقف ‏المصيرية، التمتع بالحصافة والقدر الكبير من الشعور بالمسؤولية، وبمصلحة العراق وشعبه لا مصالح وأهداف ‏وغايات جهات ودول أخرى، ذلك ان العواطف وتقديم مصالح الآخرين على المصالح الوطنية الحقيقية للعراق ‏وشعبه، يعني دفع العراق والعراقيين إلى كوارث جديدة مدمرة، وهما لم يتخلصا بعد من آثار ونتائج ما لحق ‏بهما من كوارث في العقود الماضية.‏