باسم محمد حبيب
تعد المؤتمرات العلمية الأكاديمية، من أهم الوسائل، التي تعتمدها الدول المتحضرة في وضع لبنات ستراتيجياتها السياسية والعسكرية، وتقييم أداء مؤسساتها، وتبيان قيمة قراراتها، وأثرها المادي والمعنوي على واقع البلد وظروفه وأحواله وحياة أبنائه حاضرا ومستقبلا، وذلك لما تقدمه من رؤى وأفكار ومقترحات مستخلصة من مناقشات المؤتمر وبحوثه ودراساته العلمية، التي يضعها الأكاديميون والمتخصصون في المجالات التي يقرها منهاج المؤتمر.
لذا تبادر الكثير من دول العالم إلى إقامة مثل هذه المؤتمرات، وتعد لها إعدادا دقيقا بوساطة لجان متخصصة وماهرة، حتى يحقق المؤتمر أهدافه ويصل إلى غايته في دراسة الأمور التي أقيم من أجلها دراسة علمية دقيقة، وتكون نتائجه ومقترحاته ذات قيمة وفائدة وتحقق الهدف من إقامة المؤتمر، فالمؤتمرات الجيدة، هي نتاج للبحوث الرصينة، والمناقشات الجادة، وللتحضير الجيد : إعدادا وتهيئة وإدارة وعملا ميدانيا، بما في ذلك وضع تخصيصات تكفي ليظهر المؤتمر بالشكل اللائق، ويحقق ما أقيم من أجله، وما حدد في منهاجه من أهداف وغايات.
ولأن العراق يمر اليوم بظروف سياسية وأمنية معقدة، تتصدرها حصول مواجهات عسكرية واختراقات أمنية، ووجود مطالبة من البعض بسحب القوات الأجنبية من العراق، مع وجود من يرفض ذلك، ويعده متعارضا مع ظروف الواقع العراقي الذي يعاني من اختلالات أمنية خطيرة وأنشطة إرهابية مستمرة، ولأن مثل هذا الأمر يتطلب دراسة علمية وأكاديمية يشارك فيها متخصصون في الجوانب الأمنية والعسكرية وغيرها، فإن إقامة مؤتمر علمي أكاديمي يناقش مثل هذا الأمر تعد أمرا مهما وضروريا، على أن يواكبه استفتاء للرأي العام للخروج برؤية تطرح ليس فقط الخيارات المتاحة بل والمعايير التي تحدد أفضلية كل منها وضرورتها للواقع العراقي.
إن على الحكومة بصفتها صاحبة القرار السيادي الأعلى في البلد أن تضبط بوصلة قراراتها على وفق مؤشرات الواقع العراقي وظروفه وحاجاته، وهو أمر لا يمكن تحديده من دون دراسات رصينة كافية ومناقشات علمية معمقة، فهذا ما يحقق لنا الخروج بقراءة دقيقة وصادقة للواقع العراقي، ويضمن لنا الحصول على استنتاجات ومقترحات مفيدة وقيمة يمكن تطبيقها من دون الخشية من المفاجآت والتبعات غير المجسوبة، فبهذا نستطيع أن نضع قراراتنا وما نجده ضروريا لبلدنا حاضرا ومستقبلا.